الصلات بين هذه الدول التي ينبغي أن يؤلف مجموعها سورية المستقلة أي سورية التي طالما رغبت فرنسا في إنشائها قال : والواجب أولا تنظيم هذه الدول ومنحها قسطا أوفر من الحرية، وتأسيس صلة اتحاد بينها ، ولا أذكر لبنان بين دول الاتحاد لأن تقاليده الخصوصية تقضي عليه بالسعي على انفراد وراء التقدم وبمشاركة قليلة في الاتحاد السوري لا تتناول إلا الوجهة الاقتصادية دون سواها ، إلى أن يقرر من تلقاء نفسه الدخول في هذا الاتحاد.
وبدىء من قابل بجعل بعض فروع الإدارة اتحادية كالبريد والبرق والعدلية والمعارف العالية والتمليك ، وجعل للاتحاد مجلس مؤلف من خمسة عشر عضوا خمسة عن كل دولة ، واجتمع المجلس في حلب في السنة الأولى وفي السنة التالية نقل مقره إلى دمشق بصورة دائمة ، ويختار هؤلاء عضو رئيسا من بينهم فعين لهذا الغرض السيد صبحي بركات الخالدي واختار لدوائر الاتحاد مع العرب جماعة من الأتراك والأرمن والروم فتأثر الوطنيون لذلك ، لأن اللغة العربية لم ترع لها حقوقها وحرم الوظائف بعض الوطنيين وتولاها بعض من ليس لهم بهذه الأرض صلة ، ولا بالعرب والعربية قرابة.
وفي ١٧ أيار عزمت بريطانيا العظمى أن تعترف باستقلال شرقي الأردن وأن يجعل أميرها عبد الله بن الحسين وتنشأ فيها حكومة دستورية وتعقد معه اتفاقا على أن تتعهد حكومته بالاعتراف بالحقوق الدولية. وأنشأت هذه الحكومة تمنح لقب باشا لمن تريد تشريفهم أو تأليف قلوبهم من المشايخ وغيرهم ، فمنحت هذا اللقب للصعاليك وأسرفت في منحها والتف حول أمير تلك الكورة بعض جماعات من الوطنيين الذين كانوا اشتغلوا مع أخيه الملك فيصل في دمشق ولم يلبثوا أن انفضوا من حوله بطرق اتخذتها حكومته ، وكان يتقاضى لها معاونة سنوية من بريطانيا ١٥٠ ألف جنيه ولنفقاته الخاصة ٣٥ ألفا من الجنيهات ثم أنزلت المعاونة إلى ٨٠ ألفا ومخصصاته إلى عشرين ألفا.
وفي صيف سنة ١٩٢٣ اعتدى بعض دروز الشوف على النصارى من جيرانهم واغتيل بعضهم ، فقابلهم المعتدى عليهم بالمثل ، واختل الأمن في أواسط لبنان وكاد يتعدى إلى بعلبك ، فعنيت حكومة الانتداب بجمع السلاح من الأيدي وعاقبت الفاعلين ، ووضعت غرامات على بعض القرى التي خالفت أوامر