قال ابن آق بيق : وفي سنة ١٢١٧ شغلت دمشق بالظلم وإكرامية الباشا من البلاد واشتغل حسن آغا بالظلم في دمشق وإرهاق القرى بالطروحة والإكراميات وفرض الذخائر ومعاونة الجردة وغير ذلك من المظالم التي لم يسمع لها أثر في السابق قال : ولما خرج عبد الله باشا العظم من دمشق سنة ١٢١٨ قاصدا إلى طرابلس ليحارب أهلها ، وضرب عسكره بعض القرى ونهبها وظلوا على هذا التخريب حتى بلغوا طرابلس فحاصرها وخرج أهلها هائمين على وجوههم ووقع القتال بين عسكره وعسكر المتسلم وقتل من الفريقين خلق. وكان أحمد باشا الجزار يرسل النجدات إلى عبد الله باشا العظم.
وقال أيضا : إن الجزار كان يطلب من الأغنياء أموالا يأخذها منهم بعد الحبس والضرب وبقي الطرح على جميع الأصناف وأغلقت الدكاكين بدمشق وبات الناس في كرب والعسكر يحيط بالبلد ، والأكراد والشيخ طه الكردي وجنوده يعذبون الخلق أنواع العذاب حتى يقروا لهم بالأموال ، والطرح على الخلق أشكال وضروب من بنّ وتنباك وألاجه وحرير وشاشات وزنانير واستصفاء بيوت وخانات وبساتين وغير ذلك ، وظهر في دار ابن عقيل وكيل الجزار بدمشق طمائر ذهب قدرت بنحو خمسمائة كيس. ولم يكن يمر يوم دون أن يقبض على أربعة أو خمسة من أرباب الوجاهة والثروة يسجنون في سجن القلعة ويعذبهم أكراد الجزار بالكماشات والحديد والعصي إلى أن يشرف المعذّبون على الموت ويشتط العمال في طلب المال من المصادرين ويطوفون بهم في المدينة ، فيضطرون إلى بيع جميع ما يملكون ليكفّ عنهم ، ووصلت الحال بالأغنياء إلى التسوّل ، وكان قتل النفوس على الأكثر في سبيل أخذ المال مشروعا كان أو غير مشروع. فقد حدثت فتنة طفيفة بين ملتزم أموال بلاد بشارة ، فأرسل الجزار على العصاة عسكرا قتلوا منهم ما ينيف على ثلاثمائة رجل وأسروا عدة، وأرسلوهم إلى عكا جعلوا على الأوتاد ثم أخذ الجزار أموالا جزيلة من السكان.
ومن الحوادث في أيام عبد الله باشا العظم بدمشق أن القبوقول قصدوا إثارة فتنة (١٢١٤) فأغلق آغا القلعة بابها ، وحاصره الباشا فاضطر إلى التسليم بعد مدة ، فقتل آغا القلعة وهمدت الفتنة ، ثم سار عبد الله باشا لمحاربة