بعساكر الدروز بعض قرى عكا وقتل من عساكر إبراهيم باشا جماعة ، وإبراهيم باشا هو إبراهيم باشا الحلبي الذي نصبته الدولة مرة ثانية على دمشق وكان واليا على حلب. وكان حدث بموت الجزار اضطراب وخلت دمشق من الأحكام ، فمهد الأمور وعهدت إليه الدولة مع ولاية دمشق بصيدا وطرابلس وأوعزت إلى الأمير بشير الشهابي حاكم الجبل أن يكون في طاعة إبراهيم باشا وعونا له على إصلاح حال صيدا والساحل ، فصدع والي الجبل بالأمر لأنه كان داهية يراعي الدولة ولا يتأخر عن قضاء لباناتها ، ولا سيما الخراج والجزية يؤديهما في أوقاتها.
حاولت الدولة غير مرة القبض على مصطفى بربر متسلم طرابلس وظلّ في منصبه يسوم الناس مظالمه ، وما لبث خصمه اللدود عبد الله باشا العظم أن تولى دمشق للمرة الثالثة بعد أن كانت الدولة غضبت عليه بوشايات الجزار وشردته في البادية ولكنه دعاها إلى الرضى عنه وداواها بما تداوى به في العادة بأكياس من الذهب. وخرج عبد الله باشا من دمشق بالمحمل (١٢٢٠) فحدثت بينه وبين الوهابيين أمور عظيمة ، وكانوا قد استولوا على الحجاز وتقدموا إلى الشام فهلك غالب عسكره وانتهب الحاج.
عين سليمان باشا الكرجي من مماليك الجزار واليا على عكا فأقام حاكما على يافا وعلى غزة محمد آغا أبو نبوت أحد مماليك الجزار ، وبقي حاكمها إلى أن طمع بالاستقلال فيها ، وعندما تحقق سليمان باشا ذلك ركب عليه بالعسكر فهرب إلى مصر ثم إلى الإستانة وشفع فيه الشافعون فنال رتبة الوزارة. وسليمان باشا هو الذي أراد أن يرفع بعض المظالم عن الرعايا ويحملها على الأجانب في عكا كأن يبيع الغلات والقطن والزيت من الأجانب فقط ، تبتاع الحكومة ما يفضل عن عوز الأهلين وتخزنه في مخازن لها تبيعه من التجار الأجانب القادمين في مراكبهم بالأسعار التي تريدها.
ومن الأحداث في سنة ١٢٢١ ما حدث من فتنة بين العسكر الوطنيين وجند الحرس في دمشق ، فحاصرت القلعة وأغلقت المدينة كلها ، ووضعت المتاريس داخل المدينة ، وجرت بين العسكرين حرب المتاريس في الأزقة والشوارع والسطوح والأسواق والمآذن فغلب الوطنيون الحرس وكسروهم