دمشق ، وبعثت الدولة والي حلب للنظر في هذه الفتنة بين الولاة ، فرأى أن السبب في ذلك عبد الله باشا والي عكا ، فحاصره والي حلب في عكا على غير طائل ، ثم عزل درويش باشا عن إيالتي دمشق وصيدا وعفي عن عبد الله باشا ، وهلك جمهور من الجند والناس في هذه الفتن التي كان منشؤها فيما قيل دسيسة من بعض الإسرائيليين هلك أحد أنسبائهم وتقربوا من درويش باشا فأثروا فيه. وذكر الشهابي في هذه الوقعة المعروفة بوقعة المزة لأن هذه القرية حرقت فيها ، أن عبد الله باشا استمال بعض مشايخ جبل نابلس ووقعت الفتنة بين أهالي ذاك الإقليم فانقسموا فئتين ووقع القتال بينهم ، وقالوا : إن سبب هذه الفتنة أن درويش باشا كان يريد تسلم عكا من عبد الله باشا بأمر الدولة فتشيّع الأمير بشير الشهابي لوالي عكا ، وسار في عسكره من المشاة والفرسان من أهل الشوف والمناصف والمتن ، وعسكر عبد الله باشا في الدالاتية والهوارة ، وجعلوا مصافهم من كوكب إلى المعظمية من إقليم البلان وخرج درويش باشا إلى المزة فأقبل الأمير بشير ، فلما علم عسكر درويش باشا بقدومه تحصنوا للحصار ، وانتشب القتال بين الطرفين وأطلقت عساكر دمشق المدافع والزنبركات أي المدافع الصغيرة ، فهجم الأمير بعسكره هجمة واحدة وهدم أسوار البلدة ، وكانت مبنية باللبن وامتلكها ، ففرت عساكر دمشق وقد قتل منهم نحو مائتين وخمسين رجلا وأخذوا منهم خمسمائة أسير ، وغنم عسكر الأمير خياما وذخائر وخيلا وسلاحا ، ورجع إلى المعظمية وبلغت أسرى عسكر دمشق من أهلها ٣٧٤ رجلا عدا من قطعوا رؤوسهم. ومضت عدة أيام وفي نهر بردى تطفو الغرقى من عسكر درويش باشا حتى بلغ عددهم ألف رجل ومائتي رجل بين قتيل وجريح ، وقتل من عسكر عكا نحو سبعين رجلا. وانتشب القتال بين الأمير خليل بن الأمير بشير وبين فيزو باشا أحد أتباع والي دمشق وهو قادم من نابلس في قرية مرجانة فقبض عسكر عبد الله باشا على مائة وخمسين أسيرا وقطعوا خمسة وعشرين رأسا وانهزم فيزو باشا إلى دمشق.
وأرادت الدولة أن تضرب على يد عبد الله باشا (١٢٣٧) والي عكا فأمدت والي دمشق بواليي حلب وأذنة ليتعاونوا على ضربه وقد تحصن فيها