الشيخ حمدان الدرزي عن آخرهم ولم يبق إلا على مقدمهم. وذكروا في سبب هذه الوقائع أن إبراهيم باشا طلب ١٨٠ نفرا للجندية من جبل الدروز الشرقي كما طلب ١٢٠٠ من دروز لبنان وأرسلهم إلى عكا ، فطلب المشايخ إبدال ذلك بالمال وأوهموه الطاعة فلما عادوا إلى إقليمهم ثاروا عليه ، فتوجه إليهم الجند بقيادة علي آغا البصيلي كبير طائفة الهوارة والصعايدة ومعه عبد القادر آغا أبو جيب فعقدوا هناك مع كبراء الدروز مجلسا للمشاورة في هذا الأمر، فامتنع الدروز من تسليم الأنفار وأرادوا الاستعاضة عنهم بالبدلات العسكرية. فقال البصيلي: إني أرسل مراسلة أستشير بها أفندينا. وعلى ذلك قرّ القرار. وفي تلك الليلة كبستالدروز العساكر وأذاقتهم كؤوس المنية ، وقتل أبو جيب وكان المتسلم في حوران وجبل الدروز ، ولم يسلم من القتل سوى البصيلي وخمسة عشر نفرا ، ثم جمع الدروز أمتعتهم ودخلوا اللجاة فجاءهم عسكر إبراهيم باشا فقتلوه. وهذه هي الوقعة التي قتل فيها الفريق محمد باشا. وقد بلغ عدد المقاتلة من الدروز والعرب عشرة آلاف. وفي مدونات مشايخ الدروز أنفسهم أن المقاتلة منهم لم يتجاوزوا الثمانمائة مقاتل ومعهم مائتان من عرب السلوط أحلافهم. وكانوا يربطون الطرق وينهبون القوافل بين بيروت ودمشق ويقتلون كل من وجدوه منفردا من العسكر النظامي.
وروى مشاقة أن العسكر المصري الذي أرسل لأول مرة على دروز حوران كانوا ٤٥٠ مقاتلا من الهوارة قتلوا إلا قليلا ، فأرسل إبراهيم باشا عليهم نحو ستة آلاف من العسكر النظامي مجهزين بالمدافع مع أن الدروز يومئذ لم يكونوا أكثر من ١٦٠٠ مقاتل. ولما عجز شريف باشا والي دمشق عن كبح جماح الدروز جاء إبراهيم باشا من شمالي الشام وكان هناك يرقب حركة الأتراك فساق قوة أخرى ، فرأى الرعب قد دبّ في قلوب عسكره من رهبة الدروز فعمد إلى ضربهم من جهة صرخد بفرسان الأكراد. ودارت رحى الحرب بينهم وتهارب الدروز من وجه إبراهيم باشا ورجاله إلى أن قادوهم إلى سهل دامة ، وهناك رجعوا عليهم وأعملوا السيف فيهم وفتكوا بجموعهم ، ولما عرف إبراهيم باشا أن عسكره ذعر من شجاعة الدروز عمد إلى تسميم الماء الذي كانوا يستقون منه فأرسل إلى الدكتور كلوت بك يستحضر منه