أما في الماضي فكقوله تعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) [البقرة : ٧١] فإن المراد إثبات الفعل ؛ لأنفيه ، بدليل (فَذَبَحُوها)(١).
وأما في المضارع فلتخطئه (٢) الشعراء قول ذي الرمة :
إذا غير الهجر المحبين لم يكد |
|
رسيس الهوى من حب مية يبرح |
فإنه يدل على زوال رسيس الهوى |
ولتسليمه بتخطئتهم وتغييره قوله : (لم يكد) بقوله (لم أجد) فلو لا كان نفي كاد للإثبات ، لما خطأوه ، ولما غيره لتخطئتهم. وأجيب عن الأول : بأن قوله تعالى : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) يدل على انتفاء الذبح وانتفاء القرب منه في وقت ما.
وقوله تعالى : (فَذَبَحُوها)(٣) قرينة تدل على ثبوت الذبح بعد انتفائه وانتفاء القرب منه ، ولا تناقض بين انتفاء الشيء في وقت وثبوته في وقت آخر.
وعن الثاني : فلتخطئة بعض الفصحاء مخطئ ذي الرمة في تسليمه تخطئتهم.
روى عن عتبة (٤) أنه قال : قدم (٥) ذو الرمة الكوفة واعترض عليه ابن شبرمة فغيره.
فقال عتبة : حدثت أبي بذلك فقال أخطأ ابن شبرمة في إنكاره عليه ، وأخطأ ذو
__________________
(١) قوله : (بدليل فذبحوها) فإنه يدل على حصول الذبح فلو كان المراد من قوله : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) نفي القرب عن الذبح الذي يستلزم انتقاء الذبح على وجه أبلغ لزم التناقض. (عبد الحكيم).
(٢) يعني : أنهم حملوا قول ذي الرمة على أخطاء ؛ لأنه يدل على زوال رسيس الهوى فلا يؤد مراد ذي الرمة ومراده عدم زواله لأنهم فهموا من قوله : لم يكد الإثبات. (لمحرره).
(٣) قوله : (فذبحوها قرينة تدل) فلا يكون نفي كاد مفيد الثبوت مضمون خبره ، فإن قيل : فح يلزم التناقض لدلالة فذبحوها على وجود الذبح وما كاد يفعلون على انتفائه قلنا ما كادوا يفعلون على انتقاء زمان سابق لتعنتهم ووجوده في زمان لا حق لإلجائهم فلا تناقض وإنما يلزم التناقض لو كان الذبح وعدمه في زمان واحد. (وجيه الدين).
(٤) قوله : (عن عتبة) على وزن طلبة من الأسماء العربية وفي كثير من النسخ عنتبة بزيادة النون بعد العين ولم نجدها من الأسماء العريبة. (عصام).
(٥) قوله : (قدم ذو الرمه الكوفة) فوقف بالكناسة اسم موضع بالكوفة فأنشد للناس قصيدة الحائية فلما بلغ هذا البيت ناداه ابن شبرمة. (س).