ومع هذا يصح أن يقال : (قدم الحاج حتى المشاة) (١).
واعلم (٢) أن الانتهاء بالجزء الأقوى أو الأضعف ، كما يفيد عموم الفعل جميع أجزاء الشيء كذلك (٣) الانتهاء بالملاقي للجزء الأخير يفيد ذلك العموم ، كقولك : (نمت البارحة (٤) حتى الصباح) فإنه يفيد شمول النوم لجميع أجزاء الليلة
وكذلك استعملت (حتى) الجارة في المعنيين جميعا (٥) ، إلا أنه لم يأت في العاطفة ما يلاقي الجزء الأخير ، فإن أصل (حتى) أن تكون جارة لكثرة استعمالها ، فتكون العاطفة محمولة عندهم على الجارة.
وإذا كانت محمولة عليها لم يستعملوها في معنييها جميعا ، ليبقى للأصل على الفرع مزية.
وإنما استعملوها (٦) في أظهر معنييها ، وهو كون مدخولها جزاءا ؛ لأن اتحاد الأجزاء في تعلق الحكم أعرف في العقل ، وأكثر في الوجود من اتحاد المتجاورين.
__________________
(١) يعني لا يضر وقوع العكس لصحة هذا التركيب بخلاف ثم فإنه لا يجوزان يقال في هذه الصورة قدم الحجاج ثم المشاة ؛ لأنه لما اعتبر فيها المهلة بحسب الخارج لزم أن يصبح أيضا فيما وقع في الخارج كذلك. (عبد الله).
(٢) ولما كان الانتهاء في كلام المصنف مقيدا بأن يكون الجزء الأقوى أو الأضعف جزأ من متبوعه علم منه أن الجزء المجاور الذي هو من مستعملات حتى خارج عنه فاشرح أن يليه عليه بقوله : (واعلم ... إلخ). (أيوبي).
(٣) قوله : (كذلك الانتهاء) يعني أن المقصود من اعتبار القوة والضعف ليس إلا ليصح جعله غاية وليحصل المقصود أعني شمول الفعل لجميع أجزاء المتبوع والانتهاء باطلا في بعيد الشمول المذكور من غير حاجة إلى اعتبار القوة والضعف لكونه غاية في نفسه. (سيالكوني).
(٤) أي : كنت نائما في الليلة الماضية على هذا اليوم حتى انتهى نومي إلى الصباح فإن الصباح غير داخل في أجزاء الليل ؛ لأن البارحة يطلق على الليل لكن الصباح غاية ينتهي إليها الجزء الأخير من الليل. (عبد الله).
(٥) في الانتهاء بالجزء الأقوى وفي الانتهاء بالملاقي للجزء الأخير. (أمير).
(٦) بيان لوجه الترجيح في تعيين البعض للترك يعني إنما استعملوا حتى الجارة التي هي الأصل وخصصوها بالاستعمال في المنتهى الملاقي وتركوا استعمال ذلك في العاطفة ؛ لأن هذا ـ