مميزه كأنها نائبة عن معنى التصريح (١) بها.
(وتدخل (من) فيهما) أي : في مميزي (كم) الاستفهامية والخبرية ، تقول : (كم) من (٢) رجل ضربت؟) و (كم من قرية أهلكناها).
قال الشارح الرضي : (هذا في الخبرية كثير نحو : (وكم من ملك) ، (وكم من قرية) وذلك لموافقته جرا للمميز المضاف إليه (كم) وأما مميز (كم) الاستفهامية فلم أعثر عليه مجرورا بمن في نظم ولا نثر ولا دل على جوازه كتاب من كتب (٣) هذا الفن) لكن جوز الزمخشري أن يكون (كم) في قوله تعالى (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) [البقرة : ٢١١] ، استفهامية وخبرية (٤).
(ولها) أي : لكم استفهامية كانت أو خبرية (صدر الكلام) لأن الاستفهامية تتضمن الاستفهام وهو يقتضي صدر الكلام ليعلم من أول الأمر أنه من أي نوع من أنواع الكلام والخبرية أيضا تدل على إنشاء التكثير (٥) وهو أيضا نوع من أنواع الكلام.
فيجب التنبيه عليه من أول الأمر.
__________________
(١) ويجوز الفصل بينهما وبين مميزها نحو كم مالك درهما وادخل عليها حرف جر ففي مميزها الوجهان النصب كقولك بكم رجلا مررت والجر بتقدير من وإبقاء عملها كقولك بكم درهم تصدقت أي : بكم من درهم لا بإضافة بكم إليه خلافا للزجاج. (حاشية).
(٢) ثم أن كان فعل الجملة الفاصلة لما تبين له المفعول نحوكم نالني منهم فضلا وإلا فيجب دخول من على المميز لئلا يلتبس بالمفعول نحو قوله تعالى : كم تركوا من جنات وكم أهلنا من قرية. (عافية).
(٣) واعترض عليه التفتازاني وتبعه الشارح بأن صاحب الكشاف جوز أن يكون كم في قوله تعالى : (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) استفهامية وخبرية وهو استاذ العربية والجواب أن مراد الرضي بعدم الاطلاع على جوازه إذا لم يقع فصل باجنبي بين كم ومميزها وأما في الأية فقد وقع الفصل بينهما بالجملة الفعلية وقد أشار الرضي أيضا إلى جوازه قبيل هذا فانظر إلى الشرح حتى تنكشف لك الحال فينقطع القيل والقال وقيل في الجواب من طرف الرضي قال الرضي في كتب هذا الفن فلا تحل بوجوده في كتاب الله تعالى بعيد غاية البعد.
(٤) وأما كونه خبرا فباعتبار أنه أخبار عن تلك الكثرة الخارجية بأنه كذا وأما كونه إنشاء فباعتبار استكثار المتكلم. (وجيه الدين).
(٥) أي : أنها نقيض رب لكونها لإنشاء التقليل ولرب صدر الكلام فكذا نقيضها. (عوض).