البناء. لم يسبق لي ملاحظة مثل هذا الطراز في أي جزء من أجزاء جزيرة العرب. أما بقية المنازل فهي عبارة عن أكواخ تضم بين جدرانها العدد الأكبر من السكان.
يبلغ عدد سكان المنطقة حوالي أربعة آلاف نسمة بما في ذلك النساء والأطفال. ويشتغل عدد كبير من هؤلاء السكان ، كما هو شأن بقية الأجزاء الساحلية ، في الصيد ، في حين يهتم الآخرون برعاية أشجار النخيل. أما السوق فمزدحم ويتقاطر عليه البدو من مختلف المناطق المجاورة لشراء الحبوب والأقمشة ، كما أن كل ما يتوفر في (مسقط) تجده متوفرا هنا. والمرسى في (بركاء) عبارة عن مكان مفتوح لرسو السفن لا يوفر أي حماية من الرياح. وتنطبق الملاحظة نفسها على سكان كل مدينة تقريبا في الساحل ، ولهذا لا نجد إلا عددا قليلا من مراكب (البغلة) تقوم بمهام تجارية على امتداد الساحل. ويتم نقل البضاعة من (مسقط) وإليها بوساطة قوارب صغيرة حمولتها تتراوح بين ثلاثين إلى أربعين طن. ومع ازدياد الأحوال الجوية سوءا ، فإنه يسهل جذب مثل هذه الزوارق الصغيرة إلى الساحل لتتفادى هيجان البحر.
وتبلغ العائدات الإجمالية في (بركاء) ما بين ثلاثمائة إلى أربعمائة دولار سنويا. وتأتي هذه العوائد بالدرجة الأساس من التمور التي تفرض عليها رسوم تقدر بعشرة بالمائة شأنها شأن كل الصادرات والواردات. ويحتفظ الإمام بقوة صغيرة تقدر بمائتي رجل تدفع رواتبهم جزئيا من هذه الضرائب.
الأحد ، الثامن والعشرون : أمضينا النهار ونحن نستمع إلى بعض قضايا المحاكم ذات الصلة أساسا بالديون والمخالفات البسيطة التي يحكم فيها القاضي. هطلت الأمطار مدرارا طيلة اليوم ، وتعذر علينا السفر ، إلا أننا استمتعنا استمتاعا كبيرا ونحن نراقب المشاهد الكثيرة التي تحدث في السوق. فالبائع يضع مختلف حاجاته في كومة أمامه ويجلس إلى جوارها. وإذا ما اقترب أحد المشترين ، فإنه يتم التوصل إلى اتفاق بين الاثنين بعد كلام قصير. لكن انظر إلى الاختلاف. فعلى مسافة بضع ياردات ، تجلس امرأة تبيع الحبوب ، فتقترب منها إحدى النساء بهدف الشراء ، فتتواصل حرب الكلمات بين الاثنتين إلى قرابة نصف ساعة دون أن تبدو أي بارقة أمل بالتوصل إلى نتيجة. وثمة غلام ومعه سلة تمر يضعها فوق رأسه وهو يرزح