ساحل البحر ، تابع لهذا الزعيم. ولكن بعد مرور وقت قصير على استيلاء شيخ (صحار) (١) على أراضي الزعيم ، بأمل زيادة عدد قواته حتى يتمكن من العمل بكفاءة أكبر ضد الإمام ، قام بتقديم عرض إلى العديد من الشيوخ الصغار وأتباعهم يفيد بأنهم إذا انضموا إليه وتخلوا عن (السيد هلال) ، فإنه سوف يلغي جميع الرسوم والضرائب التي فرضها عليهم ذلك الزعيم. كان العرض مغريا تصعب مقاومته ، وفي غضون أيام قليلة وجد (السيد هلال) نفسه وقد انتزعت منه كل أراضيه وعائداته وسلطته وأصبح بالنسبة إلى الإمام كمن أحيل إلى التقاعد بعد أن كان يملك نفوذا قويا حتى في مواجهة الإمام نفسه. وحدثت حادثتان تتصلان بهذا الصراع الذي يكشف عن قوة النساء العربيات ونفوذهن على نحو ينبغي عدم التغاضي عنه.
لقد اضطر (السيد هلال) قبل بضع سنين ـ إثر وعد بالحماية ـ إلى السير إلى (مسقط). ووجهت إليه بعض الاتهامات بمحاولة تخريب سلطة الإمام وذلك بتحريض البدو على التمرد. وما أن تناهى ذلك إلى سمع زوجة الشيخ وهي أخت (السيد سعيد) حتى أرسلت الرسل لجميع القبائل البدوية التي كانت تحت نفوذ زوجها وأعدّت العدة لتزحف شخصيا على مناطق نفوذ الإمام. لكن قبل وصول أي مساعدة ، أرسل الإمام قوة إلى (السويق) للاستيلاء على الحصن مؤكدا أن الشيخ سيكون مصيره الموت ما لم يستسلم الحصن. ولما وصلت الرسالة إلى المرأة الجريئة قالت : «عد أدراجك. عد أدراجك نحو أولئك الذين أرسلوك وأخبرهم بأنني سأدافع عن الحصن بكل ما أملك من قوة ، وإن شاءوا تقطيعه إربا أمامي ، فإن ذلك لن يغير شيئا من عزيمتي». وهكذا دافعت عن الحصن ببسالة ومهارة عظيمتين مما حدا بقوة الإمام إلى رفع الحصار والمضي نحو (مسقط) بعد أن تكبدت خسائر في الأرواح وإضاعة في الوقت. وبعد مضي عدة أشهر. بات الإمام واثقا من بطلان التهم الموجهة إلى الشيخ وسمح له بالعودة إلى مقر ولايته.
وكشفت أخت الشيخ (٢) عن سلوك مماثل عند ما كانت مسؤولة عن نفس الحصن أثناء
__________________
(*) لعل المؤلف يعني بشيخ صحار حمود بن عزان بن قيس إذ ثار في عام ١٨٣١ م واستولى على صحار وشناص.
(**) يتخبط المؤلف في شخصية هذه السيدة فقد سبق أن ذكر أنها زوجة السيد هلال وهنا يجعلها أختا له والمصادر العمانية تذكر للسيد هلال أختا اسمها جوخة دافعت عن حصن (السويق) المذكور فلعلها المتقصودة هنا. وربما أراد المؤلف أن يتحدث عن شخصيتين الأولى زوجة السيد هلال والثانية أخته والله أعلم.