لا تزال على قيد الحياة وينفذ رغباتها في جميع الأمور. أما في علاقته بالأوروبيين ، فكان يظهر دوما كلّ الاهتمام والعطف. وإذا كان من الممكن أن يطلق على أي أمير من الأمراء المحليين صفة صديق الإنكليز حقا ، فإن مثل هذا الأمير هو إمام مسقط. وحتى من جانبنا ، فإن الارتباط السياسي به يبدو منطويا على عنصر الإخلاص على نحو أكبر مما هو متوقع.
تمتاز حكومة هذا الأمير بغياب كلّ الضرائب الثقيلة الوطأة وكل العقوبات العشوائية كما تمتاز بإعطاء الأمير كل الاهتمام للتجار من أي بلد كان ، ممن يأتون للإقامة في مسقط ؛ وكذلك بالتسامح العام الذي يعم مختلف الطوائف. من جهة ثانية ، فإن استقامته ونزاهة عقوباته وتساهله فيها والاهتمام الشديد الذي يوليه لرفاهية رعاياه ؛ كلّ ذلك جعله موضع إعجاب واحترام شديدين من عرب المدن مثلما جعله تسامحه وشجاعته الشخصية موضع اعتزاز البدو. لقد جعلته هذه الخصال الحميدة يكتسب في عموم الشرق صفة عمر الثاني.
(السيد سعيد) هو (ابن سلطان) الابن الثالث (لأحمد بن سعيد) الذي أنقذ بلاده من نير الفرس سنة (١٧٣٠ م). وعلى الرغم من أن الأفراد الذين ينتمون إلى هذا النسب ليسوا من قبيلة اليعاربة الأزدية التي احتفظت بالسيادة على (عمان) قرابة مائتين وخمسين سنة وورث الإمارة فيها (أحمد بن سعيد) و (سيف) من اليعاربة فإن السلالتين تنحدران من الجد نفسه (أزد) الذي يمثل الكنية العامة للقبيلة التي ينتمي إليها الفخذان. وعلى أي حال ، فالحاكم في (عمان) اليوم ليس إماما اجتمعت على تسميته العرب إذ إن الحصول على هذا اللقب يستوجب على صاحبه عند انتخابه أن يكون قد امتلك درجة دينية كافية تؤهله لأن يخطب أمام حشد من الزعماء الذين انتخبوه وأمام أتباعهم. كما يتعين عليه عدم ركوب متن سفينة. إلّا أن هذا الشرط الأخير تم التغاضي عنه عند ما استولى (سيف) على موانئ تقع على السواحل الإفريقية وعلى مخيماتها. إلا أن الشرط الأول كان ينظر إليه على أنه ملزم وضروري حيث إن (السيد سعيد) الذي لم يكن يمتلك الدرجة الكافية أو هكذا كان تصوره ، استغنى عن الاحتفال بتنصيبه كليا ونتيجة لذلك لم يتلق من رعاياه سوى لقب سيد أو أمير.