أفراد حاميتها ولم يبق من آثار احتلالهم سوى القلاع وكنيستين باتت إحداهما اليوم مجرد أطلال وتحولت الثانية إلى قصر للإمام. ومنذ ذلك الحين وحتى وصول (السيد سعيد) إلى الحكم ، لم يزر الأمراء الحكام (مسقط) إلّا بين حين وآخر. وكان ينظر إلى (الرستاق) على أنها عاصمة (عمان) (١).
تقع مدينة (مسقط) في الطرف الأقصى من خليج صغير ينتهي بممر ضيق يأخذ بالاتساع كلما توغلنا إلى الداخل. وتمتد التلال على جانبي الممر وعلى ارتفاع يصل ما بين ثلاثمائة إلى خمسمائة قدم وهي مطلة على البحر وتبدو وقد انتشرت عليها القلاع التي كانت تبدو في حالة تسمح بترميمها إذا ما أخذنا بالحسبان موقعها المجاور لبلدة عربية. وقد شيدت هذه القلاع وأكثرها مهابة على جانبي المضيق في الجزء الداخلي منه. وفي ذلك المكان ، وفي الجهة الغربية منه يوجد السجن. ويسيطر حصنان هلاليا الشكل على المدخل حيث تبدو المدافع متمركزة والحراس يقظين دوما. أما المسافة الفاصلة بين قلعة وأخرى فتصل إلى نصف ميل وبهذا يصعب القيام بهجوم مفتوح في وضح النهار عليها إذا ما كانت معززة جيدا.
تبدو مدينة (مسقط) للأشخاص القادمين من جهة البحر وكذلك قلاعها والتلال المجاورة لها ذات منظر خلاب وغريب. فلا توجد شجرة أو دغل أو أي نبتة أمام أعين الناظرين. أما سطوح البيوت البيض والقلاع ذات الأبراج القريبة منها فتختلف اختلافا كثيرا عن مظهر الكتل الصخرية المسودّة والمحروقة من حولها. وهي تبدو من حيث المظهر مشابهة لمعظم المدن الشرقية عند ما ينظر إليها عن بعد. فهناك السطوح المتساوية للبيوت وأماكن السكن وقباب الجوامع ومنائرها الشامخة وغير ذلك من السمات البارزة. ويبقى المشهد محتفظا بهذه السمات الجذابة حتى نصل إليها وعندئذ يتلاشى الوهم. فالشوارع الضيقة المزدحمة والأسواق القذرة التي يعيق الحمالون الحركة فيها ، وهم يحملون حمولات التمر والحبوب وغير ذلك ، والأكواخ البائسة تختلط بالبيوت الواطئة الحقيرة
__________________
(*) نشير إلى أنه من الرستاق انطلقت دولة اليعاربة وعقدت لمؤسسها ناصر بن مرشد الإمامة سنة ١٠٣٤ ه / ١٦٢٤ م ، ومنها أيضا حكم عمان أحمد بن سعيد مؤسس الدولة البوسعيدية (١١٥٧ ـ ١١٩٨ ه / ١٧٤٤ ـ ١٧٨٣ م) وتنسب المصادر التاريخية العمانية إلى حفيده حمد بن سعيد بن أحمد (١١٩٣ ـ ١٢٠٧ ه / ١٧٧٩ ـ ١٧٩٢ م) نقل العاصمة من الرستاق إلى مسقط.