الذين يعيشون على حدود سوريا وبلاد ما بين النهرين أفسدتهم علاقاتهم بالأتراك وغيرهم من الشعوب. وينطبق الشيء نفسه على تلك الأجزاء من الحجاز واليمن التي زارها رحالتنا. وكان (بركهاردت) واعيا بذلك الأمر وفكر في القيام بشيء ما للتعويض عن هذا النقص ، إلا أن مرضه حال بينه وبين تحقيق ذلك وإلا لكان قد أمضى بضعة أشهر في الأقاليم الداخلية وهو ما كان يرمي إليه. لهذا السبب ، فإن هدفي كان في هذه المرة وفي المرات القادمة القيام بشيء لتحقيق هذه الأمنية في نفس الوقت الذي أسجّل فيه ما يقع تحت أنظاري في أثناء زيارتي وإقامتي وسط هذه القبائل.
بعد صلاة العشاء ، جاءني الشيخ الشاب إلى الخيمة وبصحبته قرابة أربعين رجلا وأعلن عن رغبته في أن يبقى معي حارسا طيلة الليل. لقد كان مجرد أن أطلب من المجموعة كلها الدخول من الأمور المستحيلة وإن دعوت بعضهم للدخول لترك ذلك أثرا غير طيب في نفوس الآخرين. لهذا السبب أخرجت سجادتي من الخيمة ووضعتها وسطهم. كانت ليلة من الليالي الجميلة الصافية التي لا يمكن مشاهدتها إلا في الصحراء. فقد كان الجو باردا قليلا وسرعان ما بدأنا نتجاذب أطراف الحديث الودي. لم يكن هؤلاء البدو ليجهلون كل الجهل عاداتنا ، فقد جمعوا بعض المعلومات بهذا الخصوص من الرجال الذين وقعوا في الأسر إبان الحرب في الهند. إلا أن قصصهم كانت أمّا محدودة أو مبالغا فيها مما يثير مشاعر الفضول أكثر مما يقلل منها. وكانت طبيعة ديانتنا وطقوسها موضع استفسارهم الأول وطالبوني بأن أوضح لهم رأيي بفضائلها مقارنة بالدين الإسلامي. وعلى وجه العموم ، فإن من البديهيات الحسنة أن تترك نفسك مدحورا ظاهريا في الأمور اللاهوتية. إلا أنني لم أتمكن بادئ الأمر من مقاومة الإغراء الذي لازمني بأن أوجه الحديث نحو مواطن الضعف في عقيدتهم وتوضيح الحجج التي يمكن استخدامها ضدهم. إلا أنهم لم يظهروا إلا القليل من التعصب والانحياز في هذه النقاط مما دفعني إلى الندم عما قمت به ، ولتسوية الأمر ، أبديت موافقتي على وجهة نظر أحد وجهائهم عند ما قال إن كل ديانة تناسب جيدا البلد والناس الذين يؤمنون بها.
من هنا اتجه الحديث صوب نسائنا. واستفسروا إن كانت النساء الموسرات والأصيلات