وفي هذه الدار مخادع وغرف كثيرة غير التي ذكرناها ، وقد اختصرنا في وصفها مخافة الإسهاب والملل. وإنما نقول : إن من ينظر إلى دار الندوة من ظاهرها يراها كثيرة النقوش والزخرفة. ولكن رطوبة هواء النهر الذي يجري على طولها ودخان لندن الأسود قد أثّرا في حجارتها الرخوة ، وأضرّا بها ، وصارت دار الندوة مع كبرها وعظمتها تبدو في عين (١) الناظر سوداء يستنكف (٢) الغريب من النظر إليها.
أما الإنكليز وغيرهم من أمم أوروبا فيعتبرون ذلك السواد فيها ضربا من الزينة التي تزيد في اعتبارها بناء على أن ذلك يجعلها تبدو (٣) قديمة عهد. وكل شيء زاد قدما زاد اعتبارا في أعين أهل أوروبا.
أما أهل المشرق فلم يعبأوا بهذا ، وإنما يعتبرون الأشياء بحسب استحقاقها وقدرها الذاتي لا بحسب العوارض الطارئة عليها.
أما نحن فلا نتعرّض لذمّ أهل أوروبا ولا نلوم أهل المشرق في هذا الصدد. فلكل من الفريقين حجج يستند إليها في إثبات رأيه ، وما على الذوق جدال.
__________________
(١) أ : ب ثبان بعين
(٢) أ : يستأنف ، ب : يصدم ، والصحيح ما أثبتنا
(٣) أ : أن تبان