ثم خرجوا بالسيد من هناك ، وأدخلوه مخدعا كانت فيه مدافع الميتراليوز (١) وهي مدافع مركبة من أنابيب عديدة ، فأحضروا إلى سعادته واحدا من هذه المدافع ليراه. فلما نظر إليه تعجب ، وقال لحضرة باجر الفقيه : " من كم أنبوب مؤلف هذا المدفع؟ " قال الفقيه في جوابه : " مؤلف من أثنتي عشر أنبوبا. ومن الغرائب أن واحدا من أهالي أشانتي (٢) لما رأى هذا المدفع وقت حرب الإنكليز مع الأشانتيين يئس من القتال وذبح نفسه مخافة أن يقع قتيلا بإطلاق ذلك المدفع". قال السيد : " لا عجب في ذلك : فإنّ الموت البارد خير من الموت المحرق".
ثم ساروا بالسيد من هناك ، وأخذوا يفرّجونه على بقية حوانيت الصنائع والنجارة والحدادين والسرّاجين والخراطين وبقية الأوائل (٣) اللازمة لعمل العدد والمهمات الحربية. فسرّ السلطان من مشاهدتها لشدة حبّه الصنائع وعمل الأوائل ، وقد أنشأ لنفسه معملا لها في زنجبار. ثم بينما كانوا مارين بحانوت خراطة سلك الحديد عرض واحد من الحاضرين جانبا من خراطة الشريط المبروم على سعادة السلطان فنظر اليه ، وقال ، وهو يتبسم : " هذا يصلح أن يكون ضربا من الأسوار". ثم أوعز إلى واحد من حشمه أن يحافظ على تلك الخراطة تذكارا لزيارته معمل الأسلحة.
ودامت تلك الزيارة نحو ساعتين من الزمان ولما فرغوا من الفرجة شكر السيد برغش ـ زاده المولى لطفا ـ لمدير معمل الأسلحة مكارمه. واستعذر (٤) له المدير عما عاناه من المشقة في تلك المدّة. ثم صافحه وركب مركبته وسار في حشمه يريد منزله العامر. فخرجت الموسيقة
__________________
(١) هو سلاح آلي يسمح بإطلاق الرصاص بصفة مستمرة أو متقطعة على الإنسان والمدرعات الخفيفة. وقد ظهر في القرن ١٥ م في شكل أنابيب متعددة تطلق النار في وقت واحد ، وفي القرن ١٨ تم صنعه من أنبوب واحد عند ما تم اكتشاف الخرطوشية الدوارة. فصل : ٨٠٥٢ / ١٣ : Mitrailleuse : G.E.
(٢) هم شعب جنوب غانا بمحاذاة بلاد الطوغو وساحل العاج ، كانت له إمبراطورية ، دخل في حروب مع بريطانيا سنة ١٨٢٤ انتهت بالاستعمار. فصل : ٢٠ ـ ٦١٩ / ١ : Aschanti : N.E.B
(٣) ب : الأدوات
(٤) ب : اعتذر