والحيوان والطيور والأسماك والزهور والتصاوير وغرائب الصنائع وتقليد تحف اليونان القدماء والرومانيين والمصريين والآشوريين والأفريقيين والحبشيين وأهالي الجزائر المتوحشة والإيطاليين والفرنساويين وغيرهم.
ففي اليوم الثاني عشر من شهر جون (حزيران) حسن بأعين الدولة البريطانية أن تستدعي سعادة السلطان إلى الفرجة على قصر البلور ، فأصدرت الأوامر اللازمة إلى المأمورين بأن يزينوا القصر بنفس الزينة التي أجروها يوم زار القصر السلطان عبد العزيز (١) وخديو مصر وشاه العجم. فنصبوا رايات جميع الأمم داخل القصر وخارجه.
وكان علم السلطان برغش يخفق في أعلى قبة القصر ، وعلى رأس الأرغن الكبير (٢) ، وكانت طغرة زنجبار منقوشة في وسط العلم وفي قلبها كتابة بالقلم العربي" يا فتاح".
وكان ذلك النهار نهارا صاحيا من نوادر أيام لندن ، والشمس ساطعة بعز أشعتها. فركب السلطان المركبة ورجال الدولة البريطانية في خدمته وحشمه الزنجباريون في معيته ، وساروا إلى القصر.
وكانت جرائد لندن قد سبقت ، وأذاعت زيارة السلطان لقصر البلور ، فدرى الناس بذلك ، وبادروا من كل فج عميق بأمل مشاهدة أمير عربي قد شرّف بلادهم ، فاجتمع إلى القصر نحو مائة ألف نفس ونيف من الرجال والنساء والصّبيان.
ولما وصل السيد برغش إلى القصر استقبله الشعب المتجمّع بغاية الترحيب (٣) والسرور ، وكشفوا قلانسهم عن رؤوسهم ، وحيّوه بأشرف سلام. وكانت الموسيقة العسكريّة تصدح
__________________
(١) هو عبد العزيز أوغلو محمود (١٨٣٠ ـ ١٨٧٦) سلطان عثماني (١٨٦١ ـ ١٨٧٦) واصل الإصلاح إلى سنة ١٨٧١ ثم تحول إلى الاستبداد ، كان معجبا بالتقدّم الأوروبي ، زار أوروبا مرارا. فصل : ٢١ / ١ : Abdelaziz : N.E.B
(٢) وعلى رأس الأرغن الكبير : ساقطة من ب
(٣) أ : الاسترحاب