أيضا يبابا داثرة ، فأباح للناس من العسكرية والملحية والأرض ، وكل من وصلت قدرته إلى عمارة أن يعمر ما شاء في القاهرة مما خلا من دور الفسطاط بموت أهلها فأخذ الناس في هدم المساكن ونحوها بمصر ، وعمروا بها في القاهرة ، وكان هذا أوّل وقت اختط الناس فيه بالقاهرة.
ثم كان المنبه بعد القضاعي على الخطط والتعريف بها تلميذه أبو عبد الله محمد بن بركات النحويّ في تأليف لطيف نبه فيه الأفضل أبا القاسم شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجمالي على مواضع قد اغتصبت وتملكت بعد ما كانت أحباسا ثم كتب الشريف محمد بن أسعد الجواني (١) (كتاب النقط بعجم ما أشكل من الخطط) نبه فيه على معالم قد جهلت وآثار قد دثرت ، وآخر من كتب في ذلك القاضي تاج الدين محمد بن عبد الوهاب بن المتوّج (٢) (كتاب إيعاظ المتأمّل وإيقاظ المتغفل) في الخطط بيّن فيه جملا من أحوال مصر وخططها إلى أعوام بضع وعشرين وسبعمائة قد دثرت بعده معظم ذلك في وباء سنة تسع وأربعين وسبعمائة ثم في وباء سنة إحدى وستين ثم في غلاء سنة ست وسبعين وسبعمائة. وكتب القاضي محيي الدين عبد الله بن عبد (٣) الظاهر (كتاب الروضة البهية الزاهرة في خطط المعزية القاهرة) ففتح فيه بابا كانت الحاجة داعية إليه ، ثم تزايدت العمارة من بعده في الأيام الناصرية محمد بن قلاوون بالقاهرة وظواهرها إلى أن كادت تضيق على أهلها حتى حل بها وباء سنة تسع وأربعين وسنة إحدى وستين ثم غلاء سنة ست وسبعين فخربت بها عدّة أماكن فلما كانت الحوادث والمحن من سنة ست وثمانمائة شمل الخراب القاهرة ومصر وعامّة الإقليم ، وسأورد من ذكر الخطط ما تصل إليه قدرتي إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) عالم بالأنساب أصله من الموصل ومولده ووفاته بمصر له مؤلفات عديدة منها : (تاج الأنساب) و (طبقات الطالبيين). ولد سنة ٥٢٥ ه وتوفي سنة ٥٨٨ ه. الأعلام ج ٦ / ٣١.
(٢) مؤرخ مصري كتب عن أحوال مصر وخططها إلى سنة ٧٢٥ ه. ولد سنة ٦٣٩ ه وتوفي سنة ٧٣٠ ه.
الأعلام ج ٦ / ٢٥٦.
(٣) أبو الفضل ابن رشيد الدين : قاض أديب مؤرخ من أهل مصر مولدا ووفاة كان كاتب الإنشاء في الديار المصرية. له عدة مؤلفات. ولد سنة ٦٢٠ ه وتوفي سنة ٦٩٢ ه. الأعلام ج ٤ / ٩٨.