وقصب السكر بمدينة إسنا ، خراجها في السنة عشرة دنانير ، وما يجري في الأعمال هذا المجرى وأنهم وضعوا يد الديوان على جميعها ، وطلبوا من أرباب السواقي ما يدل على ما بأيديهم ، فذكروا أنها انتقلت إليهم ولم يظهروا ما يدل عليها ، وقد سيروا أملاكها إلى الباب تحت الحوطة ليخرج الأمر بما يعتمد عليه في أمرهم ، وعند وصولهم أوقع الترسيم عليهم إلى أن يقوموا بما يجب من الخراج عن هذه السواقي فإن الأملاك بجملتها لا تقوم بما يجب عليها ، فوقف المذكورون للمأمون في يوم جلوسه للمظالم ، فأمر بحضورهم بين يديه ، وتقدّم إلى القاضي ، جلال الملك أبو الحجاج يوسف بن أبي أيوب المغربيّ وهو يومئذ قاضي القضاة لمحاكمتهم فجرى له معهم مفاوضة أوجبت الحق عليهم ، وألزمهم بالقيام بما يستغرق أموالهم وأملاكهم ، فحصل من تضرّرهم ما أوجب العاطفة عليهم ، وأخذهم بالخراج من بعد ، وأن يضرب عما تقدّم صفحا.
وكتب منشور نسخته : قد علم الكافة ما تراه من إفاضة سحب العدل عليهم ، والإحسان والنظر في مصالح كل قاص منهم ودان. وإنا لا ندع ضررا يتوجه إلى أحد من الرعية إلا حسمناه ، ولا نعلم صلاحا يعود نفعه عليه إلا قوينا سببه ، ووصلناه حسب ما يتعين على رعاة الأمم ، وعملا بالواجب في البعيد والأمم وسلوكا لمحجة الدولة الفاطمية خلد الله ملكها القويمة ، واستمرارا على قضاياها وسجاياها الكريمة ، ولما كنا نرى النظر في مصالح الرعايا أمرا واجبا ونصرف إلى سياستهم عزما ماضيا ، ورأيا ثاقبا. كذلك نرى النظر في أمور الدواوين واستيفاء حقوقها المصروفة إلى حماية البيضة ، والمحاماة عن الدين وجهاد الكفرة والملحدين ليكون ما نراعيه ، وننظر فيه جاريا على سنن الواجب محروسا من الخلل بإذن الله من جميع الجوانب ، ومن الله نستمدّ مواد التوفيق في الحل والعقد ، ونسأله الإرشاد إلى سواء السبيل والقصد ، وما توفيقنا إلا بالله عليه نتوكل ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وكان القاضي الرشيد بن الزبير أيام مشارفته الصعيد الأعلى قد طالع المجلس الأفضليّ بحال أرباب الأملاك هناك ، وأنهم قد استضافوا إلى أماكنهم من أملاك الدواوين أراضي اغتصبوها ، ومواضع مجاورة لأملاكهم تعدّوا عليها ، وخلطوها بها وحازوها ، ورسم له كشفها ونظم المشاريج بها ، وارتجاعها للديوان. وأن يعتمد في ذلك ما يوجبه حكم العدل المثبت في كل قطر ومكان ، وبآخر ذلك سيرنا من الباب من يكشف ذلك على حقيقته ، وإنهائه على طيته فاعتمدوا ما أمروا به من الكشف في هذه الأملاك ، ووردت المطالعة منهم بأنهم التمسوا ممن بيده ملك أو ساقية ما يشهد بصحة ملكه ومبلغ فدنه ، وذكر حدوده ، فلم يحضر أحد منهم كتابا ولا أوضح جوابا ، وأصدروا إلى الديوان المشاريج بما كشفوه ، وأوضحوه فوجدوا التعدّي فيه ظاهرا وباب الحيف والظلم غير متقاصر ، والشرع يوجب وضع اليد على ما هذه حاله ومطالبة صاحبه بريعه ، واستغلاله ، لا سيما وليس بيده كتاب