زرعها مختلطا بالحلفاء ونحوها ، والغالب كل أرض حصل فيها نبات شغلها عن قبول الزراعة ، ومنع كثرته من زراعتها ، وصارت مراعي ، والخرس : كل أرض فسدت بما استحكم فيها من موانع قبول الزرع وكانت بها مراع وهو أشدّ من الوسخ الغالب ، وإذا أدمن على إزالة ما فيها من الموانع تهيأ صلاحها ، والشراقي : كل أرض لم يصل إليها الماء إما لقصور ماء النيل أو علوّ الأرض ، أو سدّ طريق الماء عنها ، أو غير ذلك ، والمستبحر : كل أرض وطيئة حصل بها الماء ، ولم يجد مصرفا حتى فات أوان الزرع ، وهو باق في الأرض ، والسباخ : كل أرض غلب عليها الملح حتى ملحت ، ولم ينتفع بها في زراعة الحبوب ، وربما زرعت ما لم يستحكم السباخ فيها غير الحبوب كالهليون والباذنجان ، ويزرع فيها القصب الفارسي.
ومما لا غنى لأراضي مصر عنه الجسور وهي على قسمين : سلطانية وبلدية.
فالجسور السلطانية : هي العامة النفع في حفظ النيل على البلاد كافة إلى حين يستغني عنه ولها رسوم موظفة على الأعمال الشرقية ، والأعمال الغربية ، وكانت في القديم تعمل من أموال النواحي ويتولى عملها مستقبلو الأراضي ، ويعتدّ لهم بما صرف عليها مما عليهم من قبالات الأراضي ، ثم صار بعد ذلك يستخرج برسم عملها من هذين العملين ، مال بأيدي المستخدمين من الديوان ، ويصرف عليها ويفضل من المال بقية تحمل إلى بيت المال ، ثم صار يتولى ذلك أعيان أمراء الدولة إلى أن حدثت الحوادث في أيام الناصر فرج ، فصار يجبي من البلاد مال عظيم ، ولا يصرف منه شيء البتة ، بل يرفع إلى السلطان ، ويتفرّق كثير منه بأيدي الأعوان ، ويسخر أهل البلاد في عمل الجسور ، فيجيء الخلل كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى عند ذكر أسباب الخراب.
وأما الجسور البلدية : فإنها عبارة عما يخص نفعها ناحية دون ناحية ، ويتولى إقامتها المقطعون والفلاحون من أصل مال الناحية. ومحل الجسور السلطانية من القرى محل سور المدينة الذي يتعين على السلطان الاهتمام بعمارته ، وكفاية الرعية أمره. ومحل الجسور البلدية ، محل الدوز التي من داخل السور ، فيلزم صاحب كل دار أن يصلحها ، ويزيل ضررها ومن العادة أن المقطع إذا انفصل وكان قد أنفق شيئا من مال إقطاعه في إقامة جسر لأجل عمارة السنة التي انتقل الإقطاع عنه فيها ، فإن له أن يستعيد من المقطع الثاني نظير ما أنفقه من مال سنته في عمارة سنة غيره.
وأصلح ما زرع القمح في أثر الباق والشراقي ، وكان يزرع بالصعيد القمح على أثر القمح لكثرة الطرح ، وربما زرع هناك على أثر الكتان والشعير ، ويزرع القمح من نصف شهر بابه إلى آخر هتور ، وهذا في العوالي من الأرض التي تخرج بدريا.
وأما البحائر المتأخرة : فيمتدّ وقت الزرع فيها إلى آخر كيهك ، ومقدار ما يحتاج إليه