وماء النيل تحتهما دموع |
|
وصوت الريح عندهما نحيب |
وظاهر سجن يوسف مثل صب |
|
تخلف فهو محزون كئيب |
ويقال : إن أتريب (١) بن قبط بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح أوصى أخاه صا (٢) ، عند موته ، أن يحمله في سفينة ويدفنه بجزيرة في وسط البحر ، فلما مات ، فعل ذلك من غير أن يعلم به أهل مصر فاتهمه الناس بقتل أتريب ، وحاربوه تسع سنين ، فلما مضى من حربهم خمس سنين مضى بهم حتى أوقفهم على قبر أتريب ، فحفروه فلم يجدوا به شيئا ، وقد نقلته الشياطين إلى موضع أبي الهول ، ودفنته هناك بجانب قبر أبيه وجدّه بيصر ، فازدادوا له تهمة وعادوا إلى مدينة منف وتحاربوا فأتاهم إبليس ، فدلهم على قبر أتريب حيث نقله ، فأخرجوه من قبره ، ووضعوه على سرير ، فتكلم لهم الشيطان على لسانه حتى افتتنوا به وسجدوا له وعبدوه ، فيما عبدوا من الأصنام ، وقتلوا صا ، ودفنوه على شاطىء النيل فكان النيل إذا زاد لا يعلو قبره ، فافتتن به طائفة ، وقال : قتل ظلما وصاروا يسجدون لقبره كما يسجد أولئك لأتريب ، فعمد آخرون إلى حجر فنحتوه على صورة أشموم ، وكان يقال له : أبو الهول ، ونصبوه بين الهرمين ، وجعلوا يسجدون له ، فصار أهل مصر ثلاث فرق ولم تزل الصابئة تعظم أبا الهول وتقرّب إليه الديكة البيض وتبخره بالصندروس.
__________________
(١) أتريب بن قبط : إليه تنسب مدينة أتريب وهي كورة في شرقي مصر قصبتها عين شمس. معجم البلدان.
(٢) صا : وهو ابن قبط أخو أتريب وإليه تنسب مدينة صا وهي من كورة الحوف الغربي. معجم البلدان.