ذكر نسب ذي القرنين الذي ذكرناه ، وكان تبعا متوّجا لما ولي الملك تجبر ، ثم تواضع ، واجتمع بالخضر ببيت المقدس ، وسار معه مشارق الأرض ومغاربها ، وأوتي من كل شيء سببا ، كما أخبر الله تعالى وبنى السدّ على يأجوج ومأجوج ومات بالعراق.
وأما الإسكندر فإنه يونانيّ ، ويعرف بالإسكندر المجدوني (ويقال : المقدوني).
سئل ابن عباس رضياللهعنهما عن ذي القرنين ممن كان؟ فقال : من حمير ، وهو الصعب بن ذي مراثد الذي مكنه الله تعالى في الأرض وأتاه من كل شيء سببا ، فبلغ قرني الشمس ، ورأس الأرض وبنى السدّ على يأجوج ومأجوج ؛ قيل له : فالإسكندر؟ قال : كان رجلا صالحا روميا حكيما بنى على البحر في إفريقية منارا وأخذ أرض رومة وأتى بحر الغرب ، وأكثر عمل الآثار في الغرب من المصانع والمدن.
وسئل كعب الأحبار عن ذي القرنين؟ فقال : الصحيح عندنا من أحبارنا وأسلافنا أنه من حمير ، وأنه الصعب بن ذي مراثد ، والإسكندر كان رجلا من يونان من ولد عيصو بن إسحاق بن إبراهيم الخليل صلوات الله وسلامه عليهما ، ورجال الإسكندر أدركوا المسيح ابن مريم منهم : جالينوس ، وأرسطاطاليس.
وقال الهمداني في كتاب الأنساب : وولد كهلان بن سبأ زيدا ، فولد زيد عربيا ومالكا وغالبا وعميكرب.
وقال الهيثم : عميكرب بن سبأ أخو حمير وكهلان ، فولد عميكرب أبا مالك فدرحا ومهيليل ابني عميكرب ، وولد غالب جنادة بن غالب ، وقد ملك بعد مهيليل بن عميكرب بن سبأ ، وولد عريب عمرا ، فولد عمر وزيدا ، والهميسع ويكنى أبا الصعب ، وهو ذو القرنين الأوّل ، وهو المساح والبناء ، وفيه يقول النعمان بن بشير :
فمن ذا يعاددنا من الناس معشرا |
|
كراما فذو القرنين منا وحاتم |
وفيه يقول الحارثي :
سمّوا لنا واحدا منكم فنعرفه |
|
في الجاهلية لاسم الملك محتملا |
كالتبعين وذي القرنين يقبله |
|
أهل الحجى فأحق القول ما قبلا |
وفيه يقول ابن أبي ذئب الخزاعي :
ومنا الذي بالخافقين تغرّبا |
|
وأصعد في كل البلاد وصوّبا |
فقد نال قرن الشمس شرقا ومغربا |
|
وفي ردم يأجوج بنى ثم نصبا |
وذلك ذو القرنين تفخر حمير |
|
بعسكر قيل ليس يحصى فيحسبا |
قال الهمداني : وعلماء همدان تقول : ذو القرنين : الصعب بن مالك بن الحارث