مائتي ألف رجل ، فلحق بأرض الروم أهل القوّة وركبوا السفن ، وكان بها مائة مركب من المراكب الكبار ، فحمل فيها ثلاثون ألفا مع ما قدروا عليه من المال والمتاع والأهل ، وبقي من بقي من الأسارى من بلغ الخراج ، فأحصي يومئذ ستمائة ألف ، سوى النساء والصبيان ، فاختلف الناس على عمرو في قسمها ، فكان أكثر الناس يريدون قسمها ، فقال عمرو : لا أقدر على قسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين ، فكتب إليه يعلمه بفتحها وشأنها ، ويعلمه أن المسلمين طلبوا قسمها ، فكتب إليه عمر : لا تقسمها وذرها يكون خراجها فيئا للمسلمين ، وقوّة لهم على جهاد عدوّهم ، فأقرّها عمرو ، وأحصى أهلها ، وفرض عليهم الخراج ، فكانت مصر صلحا كلها بفريضة دينارين على كل رجل ، لا يزاد على أحد منهم في جزية رأسه أكثر من دينارين ، إلا أنه يلزم بقدر ما يتوسع فيه من الأرض والزرع إلا الإسكندرية ، فإنهم كانوا يؤدّون الخراج والجزية على قدر ما يرى من وليهم لأنّ الإسكندرية فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد ، ولم يكن لهم صلح ولا ذمّة.
وقد كانت قرى من قرى مصر قاتلت ، فسبوا منها قرية يقال لها : بلهيب ، وقرية يقال لها : الخيس ، وقرية يقال لها : سلطيس ، فوقع سباياهم بالمدينة وغيرها ، فردّهم عمر بن الخطاب إلى قراهم ، وصيرهم وجماعة القبط أهل ذمّة.
وعن يزيد بن أبي حبيب : أنّ عمرا سبى أهل بلهيب ، وسلطيس ، وقرطيا وسخا ، فتفرّقوا ، وبلغ أوّلهم المدينة حين نقضوا ، ثم كتب عمر بن الخطاب إلى عمرو بردّهم ، فردّ من وج منهم ، وفي رواية : إنّ عمر بن الخطاب رضياللهعنه كتب في أهل سلطيس خاصة من كان منهم في أيديكم ، فخيروه بين الإسلام ، فإن أسلم فهو من المسلمين له مالهم ، وعليه ما عليهم ، وإن اختار دينه ، فخلوا بينه وبين قريته ، فكان البلهيبي ، خير يومئذ ، فاختار الإسلام.
وفي رواية : إنّ أهل سلطيس ، وصا ، وبلهيب ، ظاهروا الروم على المسلمين في جمع كان لهم ، فلما ظهر عليهم المسلمون استحلوهم ، وقالوا : هؤلاء لنا فيء مع الإسكندرية ، فكتب عمرو إلى عمر بن الخطاب بذلك ، فكتب إليه عمر : أن تجعل الإسكندرية وهؤلاء الثلاث قريات ، ذمّة للمسلمين ، وتضرب عليهم الخراج ، ويكون خراجهم ، وما صالح عليه القبط ، قوّة للمسلمين على عدوّهم ، ولا يجعلون فيئا ولا عبيدا ، ففعل ذلك.
ويقال : إنما ردّهم عمر رضياللهعنه ، لعهد كان تقدّم لهم. وقال ابن لهيعة : جبى عمرو جزية الإسكندرية ستمائة ألف دينار ، لأنه وجد ثلثمائة ألف من أهل الذمّة ، فقدّر عليهم دينارين دينارين ، فبلغت ذلك ، وقيل : كانت جزية الإسكندرية ثمانية عشر ألف دينار ، فلما كانت خلافة هشام بن عبد الملك ، بلغت ستة وثلاثين ألف دينار ، ويقال : إنّ عمرو بن