إنه صرف عن ولاية وادي القرى ، فسارت إليه سرية من القاهرة لمحاربته.
قال القاضي الفاضل : وفي سنة ست وستين وخمسمائة ، أنشأ الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب ، مراكب مفصلة وحملها على الجمال ، وسار بها من القاهرة في عسكر كبير لمحاربة قلعة أيلة ، وكانت قد ملكها الفرنج ، وامتنعوا بها ، فنازلها في ربيع الأوّل ، وأقام المراكب وأصلحها وطرحها في البحر ، وشحنها بالمقاتلة والأسلحة ، وقاتل قلعة أيلة في البرّ والبحر حتى فتحها في العشرين من شهر ربيع الآخر ، وقتل من بها من الفرنج وأسرهم ، وأسكن بها جماعة من ثقاته ، وقوّاهم بما يحتاجون إليه من سلاح وغيره ، وعاد إلى القاهرة في آخر جمادى الأولى.
وفي سنة سبع وسبعين ، وصل كتاب النائب بقلعة أيلة : أنّ المراكب على تحفظ وخوف شديد من الفرنج ، ثم وصل الإيريس ، لعنه الله ، إلى أيلة ، وربط العقبة وسير عسكره إلى ناحية تبوك وربط جانب الشام لخوفه من عسكر يطلبه من الشام أو مصر ، فلما كان في شعبان من السنة المذكورة كثر المطر بالجبل المقابل للقلعة بأيلة ، حتى صارت به مياه استغنى بها أهل القلعة عن ورود العين مدّة شهرين ، وتأثرت بيوت القلعة لتتابع المطر ، ووهت لضعف أساسها فتداركها أصحابها وأصلحوها.
وذكر أبو الحسن المسعوديّ في كتاب أخبار الزمان : ومن أباده الحدثان : الكوكة ، وهم أمّة لهم أربعة ملوك ، ملكوا أرض أيلة والحجاز وبنى كل واحد منهم مدينة سماها باسمه ، وجعلوا سائر الأرض خيمات ، وقسموها على ثلاثين كورة وجعلوها أربعة أعمال لكل عمل ، ملك يجلس على منبر ذهب في مدينته ، وعمل بربا وهي بيت الحكمة وعمل هيكلا لأخذ الكواكب ، وجعل فيه أصناما من ذهب كل صنم له مرتبة ، وكانت الإسكندرية واسمها رقودة ، فجعلوا لها خمس عشرة كورة ، وجعلوا فيها كبار الكهنة ، ونصبوا في هياكلها من أصنام الذهب أكثر مما في غيرها ، وكان فيها مائتا صنم من ذهب وقسموا الصعيد على ثمانين كورة ، وجعلوا أربعة أقسام ، وكان عدد مدن أهل مصر الداخلة في كورها ، ثلاثين مدينة فيها العجائب.
وقيل : إنّ حمير الأكبر واسمه العرنجح بن سبأ الأكبر واسمه عامر ويعرف بعبد شمس بن يشجب بن يعرب بن قحطان ، لما ملك بعد أبيه جمع جيوشه ، وسار يطأ الأمم ويدوس الممالك ، كما فعل أبوه فأمعن في المشرق حتى أبعد يأجوج ومأجوج إلى مطلع الشمس ، ثم قفل نحو المغرب ، فجاءه قبائل من أهل اليمن من بني هود بن عابر بن شالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح ، يشكون من ثمود بن عاثر بن إرم بن سام بن نوح ، وما نزل بهم من ظلمهم ، فأمر برفعهم من أرض اليمن ، وأنزلهم أيلة فعمروها من أيلة إلى ذات الآصال إلى أطراف جبل نجد ، فقطعت ثمود هناك الصخور ، ونحتوا من الجبال