وقال ابن سعيد (١) في كتاب المغرب : وكانت عين شمس في قديم الزمان عظيمة الطول والعرض ، متصلة البناء بمصر القديمة ، حيث مدينة الفسطاط الآن ، ولما قدم عمرو بن العاص ، نازل عين شمس ، وكان جمع القوم حتى فتحها.
وقال جامع السيرة الطولونية : كان بعين شمس صنم بمقدار الرجل المعتدل الخلق ، من كدّان أبيض محكم الصنعة يتخيل من استعرضه أنه ناطق ، فوصف لأحمد بن طولون ، فاشتاق إلى تأمّله ، فنهاه ندوسة عنه ، وقال : ما رآه وال قط إلا عزل ، فركب إليه ، وكان هذا في سنة ثمان وخمسين ومائتين ، وتأمّله ، ثم دعا بالقطاعين ، وأمرهم باجتثاثه من الأرض ، ولم يترك منه شيئا ، ثم قال لندوسة خازنه : يا ندوسة من صرف منا صاحبه؟ فقال : أنت أيها الأمير ، وعاش بعدها أحمد اثنتي عشرة سنة أميرا. وبنى العزيز بالله نزار بن المعز قصورا بعين شمس.
وقال أبو عبيد البكريّ : عين شمس ، بفتح الشين وإسكان ثانيه بعده سين مهملة ، عين ماء معروفة.
قال محمد بن حبيب : عين شمس حيث بنى فرعون الصرح ، وزعم قوم : أنّ عين شمس إلى هذا الماء أضيف ، وأوّل من سمى هذا الاسم ، سبا بن يشجب.
وذكر الكلبيّ : أن شمسا الذي تسموا به صنم قديم.
وقال ابن خرداذبه : وأسطوانتين بعين شمس من أرض مصر ، ومن بقايا أساطين كانت هناك في رأس كل أسطوانة : طوق من نحاس يقطر من إحداهما ماء من تحت الطوق إلى نصف الأسطوانة لا يجاوزه ، ولا ينقطع قطره ليلا ولا نهارا ، فموضعه من الأسطوانة أخضب رطب ، ولا يصل الماء إلى الأرض ، وهو من بناء أوسهنك.
وذكر محمد بن عبد الرحيم (٢) في كتاب تحفة الألباب : أنّ هذا المنار مربع علوه : مائة ذراع قطعة واحدة محدّد الرأس على قاعدة من حجر ، وعلى رأس المنار ، غشاء من صفر كالذهب فيه صورة إنسان على كرسيّ ، قد استقبل المشرق ، ويخرج من تحت ذلك الغشاء الصفر ، ماء يسيل ، مقدار عشرة أذرع ، وقد نبت منه شيء كالطحلب ، فلا يبرح لمعان الماء على تلك الخضرة أبدا صيفا وشتاء ، لا ينقطع ولا يصل إلى الأرض منه شيء ،
__________________
(١) ابن سعيد : علي بن موسى العنسي من ذرية عمار بن ياسر مؤرخ أندلسي من الشعراء العلماء زار العديد من البلدان وله تآليف غزيرة مخطوطة ومطبوعة ولد سنة ٦١٠ ه وتوفي سنة ٦٨٥ ه. الأعلام ج ٥ / ٢٦.
(٢) من علماء تخطيط البلدان ولد بغرناطة سنة ٤٧٣ ه. له : (تحفة الألباب ونحبة الإعجاب) وكتاب (نخبة الأذهان في عجائب البلدان). توفي سنة ٥٦٥ ه. الأعلام ج ٦ / ٢٠٠.