ملك مصر ، وكان جميع أهل الأرضيين يحتاجون إلى مصر ، وأما الأنهار فكانت قناطر وجسورا بتقدير وتدبير حتى أن الماء يجري من تحت منازلها وأفنيتها فيحبسونه كيف شاءوا ، فهذا ما ذكره الله سبحانه في مصر من آي الكتاب العزيز بصريح الذكر.
(وأما) ما وقعت إليه الإشارة فيه من الآيات فعدّة.
قال تعالى : (وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ) [يونس / ٩٣] ، وقال تعالى : (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) [المؤمنون / ٥٠]. قال ابن عباس ، وسعيد بن المسيب ، ووهب بن منبه : هي مصر ، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه : هي الإسكندرية ، وقال تعالى : (فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ) [الشعراء / ٥٧] ، وقال تعالى : (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ) [الدخان / ٢٥]. قال ابن يونس في قول الله سبحانه : (فَأَخْرَجْناهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ) [الشعراء / ٥٧]. قال أبو رهم : كانت الجنات بحافتي النيل من أوّله إلى آخره من الجانبين ما بين أسوان إلى رشيد ، وسبعة خلج : خليج الإسكندرية ، وخليج سخا ، وخليج دمياط ، وخليج سردوس ، وخليج منف ، وخليج الفيوم ، وخليج المنهى متصلة لا ينقطع منها شيء عن شيء وزروع ما بين الجبلين كله من أوّل مصر إلى آخرها مما يبلغه الماء ، وكان جميع أرض مصر كلها تروي يومئذ من ستة عشر ذراعا لما قد دبروا من قناطرها ، وجسورها. قال : والمقام الكريم : المنابر كان بها ألف منبر. وقال مجاهد وسعيد بن جبير : المقام الكريم : المنابر ، وقال قتادة : ومقام كريم أي حسن ونعمة كانوا فيها فاكهين ناعمين. قال : أي والله أخرجه الله من جنانه ، وعيونه ، وزروعه حتى ورطه في البحر. وقال سعيد بن كثير بن عفير : كنا بقبة الهواء عند المأمون لما قدم مصر فقال لنا : ما أدري ما أعجب فرعون من مصر حيث يقول : أليس لي ملك مصر؟ فقلت : أقول : يا أمير المؤمنين ، فقال : قل يا سعيد ، فقلت : إنّ الذي ترى بقية مدمّر لأنّ الله عزوجل يقول : (وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) [الأعراف / ١٣٧] قال : صدقت ، ثم أمسك ، وقال تعالى : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) [القصص / ٥] ، وقال تعالى مخبرا عن فرعون أنه قال : (يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ) [غافر / ٢٩] ، وقال تعالى : (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ) [الأعراف / ١٣٧] ، وقال تعالى مخبرا عن قوم فرعون : (أَتَذَرُ مُوسى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) [الأعراف / ١٢٧] يعني أرض مصر ، وقال تعالى حكاية عن يوسف عليهالسلام أنه (قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) [يوسف / ٥٥]. روى ابن يونس عن أبي نضرة الغفاريّ رضياللهعنه قال : مصر خزائن الأرض كلها ، وسلطانها سلطان الأرض كلها ألا