لها : واق واق وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله عزوجل ، والجناح الأيسر السند ، وخلف السند الهند ، وخلف الهند أمّة يقال لها : ناسك ، وخلف ناسك أمّة يقال لها : منسك ، وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله عزوجل ، والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس ، وشرّ ما في الطير الذنب ، وقال الجاحظ : الأمصار عشرة : الصناعة بالبصرة ، والفصاحة بالكوفة ، والتحنيث ببغداد ، والعيّ بالري ، والجفا بنيسابور ، والحسن بهراة ، والطرمذة بسمرقند ، والمروءة ببلخ ، والتجارة بمصر ، والبخل بمرو ، الطرمذة : كلام ليس له فعل ، وعن يحيى بن داخر الغافريّ أنه سمع عمرو بن العاص يقول في خطبته : واعملوا أنكم في رباط إلى يوم القيامة لمكث الأعداء حولكم ، ولإشراف قلوبهم إليكم ، وإلى داركم معدن الزرع ، والمال ، والخير الواسع ، والبركة النامية.
وعن عبد الرحمن بن غنم الأشعريّ : أنه قدم من الشأم إلى عبد الله بن عمرو بن العاص فقال : ما أقدمك إلى بلادنا؟ قال : كنت تحدّثني أن مصر أسرع الأرض خرابا ثم أراك قد اتخذت منها ، وبنيت فيها القصور ، واطمأننت فيها ، قال : إن مصر قد أوفت خرابها حطّمها البخت نصر ، فلم يدع فيها إلا السباع ، والضباع ، فهي اليوم أطيب الأرضين ترابا ، وأبعدها خرابا ، ولا يزال فيها بركة ما دام في شيء من الأرض بركة ، ويقال : مصر متوسطة الدنيا ، قد سلمت من حرّ الإقليم الأوّل والثاني ، ومن برد الإقليم السادس والسابع ، ووقعت في الإقليم الثالث ، فطاب هواها ، وضعف حرّها ، وخف بردها ، وسلم أهلها من مشاتي الأهواز ، ومصايف عمان ، وصواعق تهامة ، ودماميل الجزيرة ، وجرب اليمن ، وطواعين الشأم ، وبرسام العراق ، وعقارب عسكر مكرم ، وطحال البحرين ، وحمى خيبر ، وأمنوا من غارات الترك ، وجيوش الروم ، وهجوم العرب ، ومكايد الدّيلم ، وسرايا القرامطة ، ونزف الأنهار ، وقحط الأمطار ، وبها ثمانون كورة ما فيها كورة إلا وبها طرائف ، وعجاب من أنواع البرّ ، والأبنية ، والطعام ، والشراب ، والفاكهة ، وسائر ما تنتفع به الناس ، وتدخره الملوك يعرف بكل كورة ، وجهاتها وينسب كل لون إلى كورة ، فصعيدها أرض حجازية حرّة حرّ العراق ، وينبت النخل ، والأراك ، والقرظ ، والدوم ، والعشر ، وأسفل أرضها شامي يمطر مطر الشأم ، وينبت ثمار الشأم من الكروم ، والزيتون ، واللوز ، والتين ، والجوز ، وسائر الفواكه ، والبقول ، والرياحين ، ويقع به الثلج ، والبرد.
وكورة الإسكندرية ، ولوبية ، ومراقيه براري ، وجبال ، وغياض تنبت الزيتون ، والإعناب ، وهي بلاد إبل ، وماشية ، وعسل ، ولبن. وفي كل كورة من كور مصر مدينة ، في كل مدينة منها آثار كريمة من الأبنية ، والصخور ، والرخام ، والعجائب ، وفي نيلها السفن التي تحمل السفينة الواحدة منها ما يحمله خمسمائة بعير ، وكل قرية من قرى مصر تصلح أن تكون مدينة يؤيد ذلك قول الله سبحانه وتعالى : (وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) [الشعراء / ٣٦] ، ويعمل بمصر معامل كالتنانير يعمل بها البيض بصنعة يوقد عليه ، فيحاكي نار