قرأت على أبي محمّد عبد الكريم بن حمزة ، عن أبي بكر الخطيب ، أنا أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري ، أنا أحمد بن محمّد بن عمران ، حدّثني داود بن محفوظ البصري ، ثم القريعي (١) ، حدّثني أخي روّاد بن محفوظ ، نا الحرمازي قال : كان من جود (٢) ابن أبي بكرة أنه أقبل من نعمان (٣) فعطش فلما كان بالخريبة (٤) استسقى من منزل امرأة فأخرجت كوزا وقدحا ، وقامت خلف الباب فقالت : تنحّوا عن الباب وليأخذه مني بعض غلمانكم فإنّي امرأة من العرب ماتت (٥) خادمي منذ أيام فتنحّوا وأخذ بعض لغلمان الكوز فشرب وقال لغلامه : احمل إليها عشرة آلاف درهم ، فقالت : سبحان الله سخر بي ، قال : احملوا إليها عشرين ألفا ، قالت : أسأل الله العافية ، فقال : يا أمة الله ، كأنك لا ترينا أهلا أن تقبلي منا ، احمل إليها ثلاثين ألفا ، فما أمست حتى كثر خطّابها.
أنبأنا أبو نصر محمود بن الفضل بن محمود ، وأبو طاهر أحمد بن محمّد بن أحمد بن سلفة ، قالا : أنا المبارك بن عبد الجبّار ، أنا علي بن عمر بن محمّد القزويني ، أنا محمّد بن العباس بن حيّوية ، نا محمّد بن خلف بن المرزبان ، حدّثني أبو الفضل المروذي ، نا عبيد الله بن محمّد الميمي ، حدّثني بعض المشيخة أن عبيد الله بن أبي بكرة كان يتغدى بماله بنعمان فلما رجع عطش وهو في بعض الطريق ، فأمر بعض غلمانه أن يستسقي له ماء ، فمال إلى باب فدقّه ، واستسقى فأخرجت إليهم امرأة كيزان ماء وقالت لهم وعبيد الله يسمع وهي من وراء الباب : إنّ خادمي هلكت منذ أيام ولو لا ذلك لأخرجت إليكم الكيزان ، وأنا واضعتها خلف الباب ، فانتظروا ، فإذا دخلت فخذوها ، قال : فلما شرب عبيد الله قال لغلامه وهي تسمع : احمل إليها عشرة آلاف درهم ، فقالت : يا سبحان الله ، أتهزأ بي ، قال : أحمل إليها عشرين ألفا قلت : فأصفقت الباب بعنف ، وقالت : سبحان الله ، فما أمست حتى بعث إليها بعشرين ألفا ، فما أمسى في قومها أيّم أنفق منها.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا إسماعيل بن يونس ، نا الرياشي قال : دخل الفرزدق على عبيد الله بن أبي
__________________
(١) انظر الأنساب ، ضبطت عن الأنساب بضم القاف وفتح الراء وسكون الياء.
(٢) في م : جواد ، تصحيف.
(٣) نعمان واد قريب من الفرات على أرض الشام ، وقيل : قرب الكوفة من ناحية البادية (معجم البلدان).
(٤) الخريبة : موضع بالبصرة على طرف البر (انظر معجم البلدان).
(٥) في م : «مات» وكلاهما جائز ، والخادم يصح أن يكون مذكرا أو مؤنثا.