وإليه صار إليه قوله كأنه كان ينظر إلى موضع قبره ، فقلت : «إنّ البلاء موكّل بالمنطق» (١)
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، نا أحمد بن مروان ، نا أحمد بن عبّاد ، نا محمّد بن سعد ، قال : قال الواقدي :
قال معاوية بن أبي سفيان يوما لعبيد بن سرية الجرهمي : أخبرني بأعجب شيء ، فقال : إنّي نزلت بحيّ من قضاعة فخرجوا بجنازة رجل من بني عذر (٢) فقال له : حرمت وخرجت معهم حتى إذا واروه في حفرته تنحّيت جانبا عن القوم وعيناي تذرفان بالبكاء ، ثم تمثّلت بأبيات من الشعر كنت أرويها قبل ذلك بزمان طويل :
استقدر الله خيرا وارضينّ به |
|
فبينما العسر إذ دارت مياسير |
وبينما المرء في دنياه مغتبطا |
|
إذ صار في الرمس تعفوه (٣) الأعاصير |
يبكي الغريب عليه ليس يعرفه |
|
وذو قرابته في الحيّ مسرور |
قال : فأجابني رجل يسمع ما أقول ، فقال لي : يا عبد الله هل لك علم بقائل هذه الأبيات؟ قلت : لا والله ، إلّا أني أرويها منذ زمان ، فقال : والذي يحلف به إنّ قائلها لصاحبنا الذي دفنّاه آنفا الساعة ، وهو الذي يراه ذو قرابته أسرّ الناس بموته ، وأنت الغريب يبكي عليه كما وصف ، فعجبت لما ذكر في شعره والذي صار إليه من قوله كأنه ينظر إلى مكانه من جنازته ، فقلت : «إنّ البلاء موكّل بالمنطق» (٤) ، فذهبت مثلا.
قال : ونا أحمد بن مروان ، نا محمّد بن إسحاق ، نا مسلم بن إبراهيم ، نا الحسن بن أبي جعفر ، قال : سأل زياد عبيد بن سرية : أيّ المال أفضل؟ قال : عين خرّارة في أرض خوّارة تعول ولا تعال ، قال : ثم ذا؟ قال : فرس في بطنها فرس يتبعها فرس ، قال : فأين أنت عن الذهب والفضة؟ قال : حجران يحتكان بعضه ببعض إن أخذت منهما نفذ وإن تركتهما لم يزد ، قال : فأين أنت عن الإبل ، قال : هي لمن يباشرها بنفسه ، قال : صدقت.
٤٥٢٦ ـ عبيد بن سلمان الكلبي ثم الطّابخي (٥)
حدّث عن أبي ذرّ ، وأبي هريرة ، ومعاوية.
__________________
(١) مثل. انظر من قاله ومناسبته في مجمع الأمثال ١ / ١٧.
(٢) في م : عدي.
(٣) الأصل وم : بعفوه.
(٤) عن م وبالأصل : بالنطق.
(٥) أخباره في تهذيب الكمال ١٢ / ٣٠٢ وتهذيب التهذيب ٤ / ٤٥ وميزان الاعتدال ٣ / ١٩ الجرح والتعديل.