الخطيب ، أنا أحمد بن عبد الواحد الوكيل ، أنا إسماعيل بن سعيد المعدل ، نا الحسين بن القاسم الكوكبي ، نا محرز الكاتب قال (١) : اعتلّ عبيد الله بن يحيى بن خاقان فأمر المتوكل الفتح أن يعوده ، فأتاه فقال : إن أمير المؤمنين يسأل عن علتك؟ فقال عبيد الله :
عليل من مكانين |
|
من الأسقام والدين |
وفي هذين لي شغل |
|
وحسبي شغل هذين |
فأمر له المتوكل بألف ألف (٢) درهم.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو محمّد هبة الله بن أحمد ، قالا : نا عبد العزيز بن أحمد ، حدّثني عبد الوهّاب الميداني ـ نا أبو محمّد عبد الله بن أيوب القطان ، حدّثني أبو بكر محمّد بن أحمد بن خروف ، حدّثني أبو جعفر أحمد بن يوسف بن إبراهيم بن الداية ، حدّثني محمّد بن أحمد بن الخصيب قال :
كان في والدي رقدة (٣) لا احتملها فضويت (٤) إلى عبيد الله بن يحيى بن خاقان فقبلني (٥) بأحسن قبول وحللت منه محلّ والده فقال لي يوما : اخرج إلى شيخ يقف كثيرا على الباب ، ولا يترجّل إذا رآني ، فقل له : قد ألححت عليّ وأنت ثقيل على قلبي ، فليس لك عندي عمل ولا عائد ، فانصرف عني وإلا حبستك (٦) سنة وقرن بي من يرتئيه من غلمانه ، فخرجت فأدّيت إليه الرسالة فقال : والله ما أدري (٧) ممن أتعجب أمن المرسل بهذه الرسالة أم من المرسل؟ قل له : أما تبرّمك بي واستثقالك لي فو الله ما أتيت قصدا لك ، ولا رغبة إليك في سواد ليل ، ولا ضوء نهار ، ولكنك أجلست في طريق أرزاقنا ، فلا بد من الاجتياز بك ، وإن كان رجاء العاقل منوطا بالله دونك ، وليس لك إعطاء ما منع الله ، ولا منع ما أعطى ، ثم تضاحك وقال : وأعجب ما في رسالتك تواعدك إياي بحبسي سنة ، فيا ويحك ، من ملكك الزمان المستقبل حتى تتحكم فيّ هذا التحكم؟ وتتوعد به هذا التوعّد؟ ولعله يجري عليك فيه من المكروه أكثر مما نويته لي.
__________________
(١) الخبر والبيتان في سير أعلام النبلاء ١٣ / ٩ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٢٦١ ـ ٢٧٠ ص ١٣٢ ـ ١٣٣) وتاريخ بغداد ٧ / ١٦٦ ـ ١٦٧.
(٢) في تاريخ بغداد : بألف درهم.
(٣) الرقدة : النومة (اللسان).
(٤) ضويت أي لجأت وانضممت إليه (اللسان : ضوى).
(٥) الأصل : فاقبلني ، والمثبت عن م.
(٦) في م : أحبسك.
(٧) الأصل : أدي ، والمثبت عن م.