فبعث بعثا وولّى عليهم عبيدة بن قيس وابنه شراحيل بن عبيدة ، فولي عند ذلك عبيدة بن قيس على أهل دمشق وولّى شراحيل بن عبيدة على أهل الجزيرة ، ومضى حتى إذا دفع إلى أرض برجان لقوه بعدّة الحرب من الرجال والسلاح والعجل ، فيها الرجال ، تجرّ تلك العجل البراذين فلما رأى ذلك عبيدة قال لأصحابه : اكسروا أغماد سيوفكم ثم امشوا إليهم حتى ترموهم بها ، ثم اضربوا أعناق براذين العجل ، ففعلوا واقتتلوا قتالا شديدا ، ثم إن مسلمة لما وجههم أشفق أن يكون قد خدع عنه ، فوجّه إليه رجلا من موالي بني عامر في خمسمائة فارس من فرسانه حتى انتهى إلى عبيدة وقد أمره مسلمة أن يرده حيث أدركه ، فوجده يقاتل القوم ووجد شراحيل بن عبيدة قد قتل ، ووجد عنده قواد الأجناد وهو يقول لهم : قوموا فاكفوا ما كان شراحيل يكفي فلما رآه قال : قوموا عني ، فقد أتاني رسول الأمير ، فقاموا عنه فقال : إن الأمير ظن أنه قد خدع عنا وفي كم وجهك؟ قال في خمسة آلاف ، ثم أخبره أنه إنما وجهه في خمسمائة ، ومضى عبيدة حتى واقف العدو وهيّأ كراديسه ثم حضر رسول مسلمة يوصيهم من أدناهم إلى أقصاهم حتى كان من آخرهم أهل فلسطين ، وصاحب برجان في سلاحه على برذونه مخفف ، فقال له حصين : أتقف لي أو أقف لك ، فأومأ إليه العلج فخيّره ، فاختار حصين أن يقف له العلج ويتحيّن (١) موضعا يطعنه فيه ، فلم ير أن موضعا أفضل من نحر برذونه لما على العلج من السلاح ، فشد حصين على العلج فطعن نحر البرذون ، فاستدار بالعلج (٢) فصرعه ، فطرح حصين نفسه على العلج فقتله ، واحتزّ رأسه ، وخرج بسلبه إلى عبيدة ، وانحاز القوم عنهم ، وضرب الله وجوههم ، ودفع حصين إلى عبيدة كتاب مسلمة يأمره بالانصراف ، فكره عبيدة أن ينصرف عنهم وقد هزمهم الله ، فأراد المضي فأبيت عليه قلت : مر الناس بالانصراف بجميع العسكر ، وقد فتح الله ، حتى إذا كان بمرج خصيب من أرض برجان نزل ، ونزل الناس في ذلك الحشيش طبخ (٣) بعضهم طبيخا فهاجت عليهم ريح شديدة في ذلك الحشيش (٤) فأقبل العدو يمر ، الحصون على دوابهم حتى إذا كانوا عند طرف العسكر أرسلوا نارا في ذلك الحشيش فأقبلت النار حتى إذا كانت عند طرف العسكر قطعها الله وأخمدها والعدو ينظرون ، فلما رأوا ذلك انكشفوا.
__________________
(١) الأصل وم : ويجين.
(٢) الأصل : فاستدار بنا العلج ، والمثبت عن م.
(٣) ما بين الرقمين سقط من م.
(٤) ما بين الرقمين سقط من م.