بشيء من طمع أبيك ، فقال لي : وما لك ولأبي ، عليك بي ، ها أنذا دعوت بالدّوّاج فما شككت والله في أنك إنما جئت به لي ، فضحكت من قوله ودعوت بغيره فلبسته وأعطيته إياه ، ثم قلت له : ألأبيك ولد غيرك؟ فقال : كثير ، فقلت : عشرة؟ قال : أكثر ، قلت : خمسون؟ قال : أكثر كثير (١) ، فقلت : مائة؟ قال : دع المائتين وخذ في الألوف ، فقلت : ويلك ، أيّ شيء تقول يا أشعب؟ أبوك ليس بينك وبينه أب ، كيف يكون له ألوف من الولد ، فضحك ثم قال لي : له في هذا خبر طريف ، فقلت له : حدثني به ، فقال :
كان أبي منقطعا إلى سكينة بنت الحسين ، وكانت متزوجة بزيد (٢) بن عمر بن عمرو بن عثمان ، وكانت محبة له ، فكان لا يستقر معها تقول له : أريد الحجّ فيخرج معها فإذا مضوا إلى مكة قالت : أريد الرجوع إلى المدينة ، فإذا عاد إلى المدينة قالت له : أريد العمرة ، فهو معها في سفر لا ينقضي ، قال عبيدة : فحدّثني أبي قال : كانت قد حلّفته بما لا كفّارة له ألّا يتزوج عليها ولا يتسرّى ولا يلمّ بنسائه وجواريه إلّا بإذنها ، وحجّ الخليفة في سنة من السنين فقال لها : قد حجّ أمير المؤمنين ولا بد لي من لقائه ، قالت : فاحلف لي أنّك لا تدخل الطائف ولا تلمّ بجواريك على وجه ولا سبب ، فحلف لها بما رضيت به من الأيمان على ذلك ، ثم قالت : احلف بالطلاق ، فقال : لا أفعل ، ولكن ابعثي معك بثقتك ، [قال :] فدعتني وأعطتني ثلاثين دينارا ، وقالت : اخرج معه ، وحلّفتني بطلاق بنت وردان زوجتي ألّا أطلق له الخروج إلى الطائف بوجه ولا سبب ، فحلفت لها ، بما أثلج صدرها وأذنت له فخرج ، وخرجت معه ، فلما حاذينا الطائف قال لي : يا شعيب تعال ، أنت تعرفني وتعرف صنائعي عندك ، وهذه ثلاثمائة دينار خذها بارك الله لك فيها ، وائذن لي ألمّ بجواريّ ، فلما سمعتها ذهب عقلي ، ثم قلت : يا سيدي هي سكينة ، فالله الله فيّ ، فقال : أو تعلم سكينة الغيب؟ فلم يزل بي حتى أخذتها وأذنت له ، فمضى فبات عند جواريه ، فلما أصبحنا رأيت أبيات قوم من العرب قريبة منا ، فلبست حلّة وشي كانت لزيد قيمتها ألف دينار ، وركبت فرسه ، وجئت إلى النساء ، فسلّمت ، فرددن ، وأجللني (٣) للهيئة والزيّ الذي لا يلبس مثله إلّا أولاد الخلفاء ، ونسبنني فانتسبت نسب زيد ، فحادثنني وأنس بي ، وأقبل رجال الحي ، فكلّما جاء منهم رجل سأل عني فخبر بنسبي ، فجاءني فسلّم علي وعظّمني وانصرف إلى أن أقبل شيخ كبير منكر (٤) ، فلما خبرني (٥) وبنسبي
__________________
(١) في المختصر : كثّر.
(٢) في الأغاني : زيد بن عمرو بن عثمان بن عفان.
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي المختصر : وأجللنني.
(٤) أي داه فطن (اللسان : نكر).
(٥) في م : أخبر.