أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا عبد الوهاب بن علي ، أنا علي بن عبد العزيز قال : قرئ على أحمد بن جعفر ، أنا الفضل بن الحباب ، نا محمّد بن سلّام ، حدّثني جابر بن جندل قال : ترعى الراعي إلى قومه ، وأحبّ الخروج إليهم ، ودعوه إلى ذلك ، ورغّبوه فيه ، فقال (١) :
وقد تذكّر قلبي بعد هجعته |
|
أيّ البلاد وأيّ الناس أنتجع |
فقلت : بالشام إخوان ذوو (٢) ثقة |
|
ما لي (٣) من دونهم ريّ ولا شبع |
فإن يجودوا (٤) فقد حاولت جودهم |
|
وإن يضنّوا فلا لوم ولا قذع (٥) |
وأتى الشام ، فقال له قومه : بع أرضك ، واشتر قرية ، واتخذ بقرا ، فلم يعجبه ، وقال :
تبدل من لقاحك قرية وعوج القرون ينتطحن على عجل
ورجع إلى باديته.
قال : ونا سلّام ، حدّثني أبان الكوفي ، قال :
كان بالكوفة رجلان لا يسمع أحدهما بيتا نادرا إلّا أطرفه صاحبه إلى أن سمع أحدهما بيت الراعي ، فجاء إلى صاحبه وقد أوى إلى فراشه ، فدقّ عليه ، فخرج إليه ، فقال (٦) :
كأنّ بيض نعام في ملاحفها |
|
إذا غشيهن (٧) ليل صائف ومد |
فقال : أحسن والله ، قال : ليس غير ، قال : تريد ما ذا؟ قال : أريد أن تصعق.
قال : وحدّثني عبد الرّحمن بن قشير العنبري قال :
جاوزنا المراعي ـ يعني عمرا ومالكا ـ فأحسنا جوازه ، فظعن عنا وهو يقول في كلمة له طويلة لا تذكرنا بخير ، ولا شرّ حتى انتهى إلى آخرها فقال (٨) :
إذا انسلخ الشهر الحرام فودّعي |
|
بلاد تميم وانصري أرض عامر |
__________________
(١) الأبيات في ديوانه ط بيروت ص ١٥٦.
(٢) غير واضحة بالأصل وم ، والمثبت عن الديوان.
(٣) الديوان : ما إن لنا من دونهم.
(٤) الأصل : «فابجودا» والمثبت عن م والديوان.
(٥) الأصل : فرع ، وفي م : قرع ، والمثبت عن الديوان.
(٦) البيت في ديوانه ص ٥٥ من قصيدة يمدح عبد الملك بن مروان.
(٧) الديوان : إذا اجتلاهن قيظ ليله ومد.
(٨) الأبيات الثلاثة في ديوانه ص ١٣٣ و ١٣٤.