كتب إليّ أبو حاتم أحمد بن الحسن بن محمّد بن خاموش الواعظ من الري بخطه قال :
سمعت أحمد بن محمّد بن الحسن العطار يذكر عن محمّد بن أحمد بن جعفر الصيرفي ، نا أبو جعفر أحمد بن محمّد بن سليمان التستري ، قال : سمعت أبا زرعة يقول : إنّ في بيتي ما كتبته منذ خمسين سنة ولم أطالعه منذ كتبته ، وإنّي أعلم في أي كتاب هو ، في أي ورقة هو ، في أي صفحة (١) هو ، في أي سطر هو.
قال (٢) : وسمعت أبا زرعة يقول : ما سمع (٣) أذني شيئا من العلم إلّا وعاه قلبي ، وإنّي كنت أمشي في سوق بغداد فأسمع من الغرف صوت المغنيات فأضع إصبعي في أذني مخافة أن يعيه قلبي.
قال (٤) : وأخبرني أبو زرعة الرازي ـ إجازة ـ أنا علي بن محمّد بن عمر ، نا عبد الرّحمن بن أبي حاتم قال : حضر عند أبي زرعة محمّد بن مسلم ، والفضل بن العباس المعروف بالصائغ ، فجرى بينهم مذاكرة ، فذكر محمّد بن مسلم حديثا ، فأنكر فضلك (٥) الصائغ ، فقال : يا أبا عبد الله ليس هكذا هو ، فقال : كيف هو؟ فذكر رواية أخرى ، فقال محمّد بن مسلم : بل الصحيح ما قلت ، والخطأ ما قلت ، قال : فضلك ، فأبو زرعة الحاكم بيننا ، فقال محمّد بن مسلم لأبي زرعة : أيش يقول أينا المخطئ؟ فسكت أبو زرعة ولم يجب ، فقال محمّد بن مسلم : ما لك تسكت؟ تكلم ، فجعل أبو زرعة يتغافل ، فألحّ عليه محمّد بن مسلم ، وقال : لا أعرف لسكوتك معنى ، إن كنت أنا المخطئ فأخبر ، وإن كان هو المخطئ فأخبر ، فقال : هاتوا أبا القاسم بن أخي ، فدعي به ، فقال : اذهب فادخل بيت الكتب ، فدع القمطر الأول ، والقمطر الثاني ، والقمطر الثالث ، وعدّ ستة (٦) عشر جزءا ، وائتني بالجزء السابع عشر ، فذهب فجاءنا بالدفتر ، فدفعه إليه ، فأخذ أبو زرعة فتصفّح الأوراق وأخرج الحديث ودفعه إلى محمّد بن مسلم ، فقرأه محمّد بن مسلم ، فقال : نعم غلطنا ، فكان ما ذا؟.
__________________
(١) عن تاريخ بغداد ، وبالأصل وم : صفح.
(٢) القائل : أبو جعفر أحمد بن محمد بن سليمان التستري ، والخبر في تاريخ بغداد ١٠ / ٣٣٢.
(٣) في تاريخ بغداد : سمعت أذني.
(٤) تاريخ بغداد ١٠ / ٣٣٠ ـ ٣٣١ وتهذيب الكمال ١٢ / ٢٣١.
(٥) كذا بالأصل وم ، وفي تاريخ بغداد : فضل الصائغ.
(٦) الأصل وم : ست عشر.