فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم ، تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا) فمضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقرأها عليه ، فلما سمعها عتبة أنصت له وألقى بيده خلف ظهره معتمدا عليها يستمع منه ، حتى انتهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم للسجدة [فسجد](١) فيها ، ثم قال : «قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت ، فأنت وذاك» فقام عتبة إلى أصحابه ، فقال بعضهم لبعض : نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجد الذي ذهب به ، فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد؟ فقال : ورائي أنّي والله قد سمعت قولا ما سمعت بمثله قط ، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا الكهانة ، يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها في ، خلّوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه واعتزلوه ، فو الله ليكوننّ لقوله الذي سمعت نبأ ، فإن يصبه العرب ، فقد كفيتموه بغيركم ، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم ، وعزّه عزّكم ، وكنتم أسعد الناس به ، قالوا : سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه ، فقال : هذا رأي لكم ، فاصنعوا ما بدا لكم.
قال : ونا يونس ، عن ابن إسحاق قال (٢) :
ثم إنّ الإسلام جعل يفشو بمكة حتى كثرت الرجال والنساء ، وقريش تحبس من قدرت على حبسه ، وتفتن من استطاعت فتنته من الناس ، فقال أبو طالب يمدح عتبة بن ربيعة حين ردّ على أبي جهل ، فقال : ما ينكر أن يكون محمّد نبيا :
عجبت لحكم (٣) يأبى شيبة حادث |
|
وأحلام أقوام لديك سخاف |
يقولون شائع من أراد محمّدا |
|
بسوء وقم في أمره بخلاف |
ولا تركبنّ الدهر مني ظلامة |
|
وأنت امرؤ من خير عبد مناف |
ولا تتركنه ما حييت لمطمع |
|
وكن رجلا ذا نجدة وعفاف |
تذود (٤) العدا عن ذروة هاشمية |
|
إلّا فهم في الناس خير إلاف |
فإنّ له قربى لديك قريبة |
|
وليس بذي حلف ولا بمضاف |
ولكنه من هاشم (٥) في صميمها |
|
إلى أبحر فوق البحار صواف |
وزاحم جميع الناس عنه وكن له |
|
ظهيرا على الأعداء غير مجاف |
__________________
(١) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وأضيف عن م وسيرة ابن إسحاق.
(٢) سيرة ابن إسحاق ص ١٨٩ رقم ٢٦٩ : الخبر والشعر.
(٣) سيرة ابن إسحاق : عجبت لحلم.
(٤) الأصل وم : يذود ، وفي سيرة ابن إسحاق : تدور.
(٥) الأصل : هشام ، والمثبت عن م وابن إسحاق ، وفي سيرة ابن إسحاق : ولأنه بدل ولكنه.