الحسن بن سليم ، وحدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما ، قالا : أنا أبو بكر الباطرقاني ، أنا أبو عبد الله بن مندة ، قال : قال لنا أبو سعيد بن يونس :
عتبة بن أبي سفيان بن حرب والي (١) الجند بمصر لأخيه معاوية بعد عمرو بن العاص سنة ثلاث وأربعين ، توفي بالإسكندرية في ذي القعدة سنة أربع وأربعين.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم العلوي ، وأبو الوحش المقرئ عنه ، أنا أبو القاسم عبد الرزّاق بن أحمد بن عبد الحميد ، نا أبو محمّد عبد الله بن جعفر بن محمّد بن ورد ، نا أبو إسحاق إسماعيل بن حميد البصري القاضي ، حدّثني أبو حاتم سهل بن محمّد بن عثمان السّجستاني ، نا العتبي ، عن أبيه قال :
استخلف عتبة بن أبي سفيان ابن أخي أبي الأعور السّلمي على مصر ، قال : فدخلها فاعتاصوا عليه والتاثوا ، قال : فكتب إلى عتبة قال : فقدّمها ثم دخل المسجد ثم أوفى على منبرها فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا أهل مصر قد كنتم تعذرون [ببعض](٢) المنع منكم لبعض الجور عليكم ، وقد وليكم من يقول : نفعل ونفعل (٣) ، فإن ذررتم مراكم بيده ، وإن استعصيتم مراكم بسيفه ، ثم رجا في الأخير ما أمّل في الأول. إن البيعة شائعة فلنا عليكم السمع ، ولكم علينا العدل ، وأينا عذر فلا ذمة له عند صاحبه ، فنادوه من جنبات المسجد : سمعا ، سمعا ، فناداهم : عدلا عدلا ، ثم نزل (٤).
قال : ونا سهل بن محمّد ، حدّثني العتبي ، عن أبيه ، عن هشام بن صالح ، عن أبيه ، عن سعد القصر (٥) قال : ورد كتاب معاوية على عتبة بن أبي سفيان ، وهو وال على مصر : إنّ قبلكم قوما يطيعون على السلف ، ويعيبون على السلطان ، فإذا قرأت كتابي فأحسن تقويمهم ، وخذ على أيديهم ، قال : فلما قرأ عتبة الكتاب صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : يا أهل مصر ، قد خف على ألسنتكم مدح الحقّ ولا تأتونه ، وذمّ الباطل وأنتم تفعلونه ، كمثل الحمار يحمل أسفارا ، أثقله حملها ولم ينفعه نقلها ، فالزموا ما أمركم الله لنا تستوجبوا ما فرض الله لكم علينا ، وإياكم وقال ويقول ، من قبل أن يقال : فعل ويفعل ، إنّي والله ما أداويكم
__________________
(١) بالأصل وم : وال.
(٢) الزيادة عن م.
(٣) بالأصل : يفعل ويفعل ، والحرف الأول بدون إعجام في م.
(٤) الأصل : تولى ، والمثبت عن م والمختصر ١٦ / ٦٣.
(٥) كذا بالأصل وم ، وقد مرّ قريبا عن الجليس الصالح : سعيد القصير.