وفي سنة ٥١٥ قتل الأفضل في مصر وتولّى بعده المأمون بن البطائحي ، فقام في السنة التالية أي ٥١٦ ه بالقبض على مسعود نائب صور بعد أن كثرت الشكاوى بحقّه من أهل صور لمعاملته السيئة معهم والإضرار بهم (١) يقول ابن الأثير : «وبقيت بيد مسعود إلى ما بعد قتل الأفضل. فأرسل الفاطميون أسطولا ، وأمروا المقدم عليه أن يعمل الحيلة على مسعود ويقبض عليه ويتسلّم البلد منه ، لأن أهل صور أكثروا الشكوى منه إلى الآمر بأحكام الله ، وألقى القبض على مسعود ، وتسلّم الوالي الفاطمي صور ، ورضي طغتكين صاحب دمشق بذلك» (٢).
إذا تولّى الوالي الفاطمي وحشي بن طلائع على صور ، فطيّب قلوب الناس وراسل طغتكين يخبره أن ما أقدم عليه بسبب شكوى أهل صور من مسعود ، فأحسن طغتكين الجواب وتفهّم صدق موقفه.
ولمّا علم الصليبيون بانصراف مسعود ، شرعوا في الجمع والتأهّب للنزول عليها ، فعلم الوالي بذلك ، فأرسل إلى الآمر يخبره بالأمر ، فرأى الآمر أن يرد ولاية صور إلى طغتكين صاحب دمشق وهذا ما حصل في شهر جمادى الأولى من سنة ٥١٧ ه عندما أرسل طغتكين نائبا عنه ليتولّى أمرها هو القاضي الأعزّ محمد بن اللبان وعاد وحشي بن طلائع إلى مصر (٣) وأرسل معه جماعة غير كفوئين وأخذت الأمور تسير من سيء إلى أسوأ ، ففسد أمر المدينة بدل إصلاحه (٤).
وبعد معاهدة تمّ توقيعها في عكا بين الصليبيين أنفسهم تقاسموا فيها
__________________
(١) الأعلاق الخطيرة : ج ٢ ، ص ١٦٩.
(٢) الكامل : ج ٦ ، ص ٥٩٣.
(٣) لبنان من السيادة الفاطمية : ق ١ ، ص ٣٠٣.
(٤) ذيل تاريخ دمشق : ص ٢٠٩.