ولمّا مات بلج في شوال سنة ١٢٤ ه ، ولي الأمر ثعلبة العاملي ، وبعد تولّيه خاض حربا مع اليمانية والبرابرة ، فانهزم جيشه إلى «ماردة» وحاصره هؤلاء فيها فكتب إلى خليفته بقرطبة يطلب منه المساعدة ، وطال القتال ، وحضر عيد الأضحى ، فاحتفل به اليمانية والبرابرة وتوقّفوا عن القتال. فهاجمهم جيش سلامة العاملي وهزمهم في موقعة «أقوه برطوره» وأسر منهم ألف رجل من أعيانهم وذراريهم ، وجاء بهم إلى قرطبة ، ونزل عند «المصارة» من ظواهر قرطبة وعقد سوقا لبيع هؤلاء الأسرى ، وكان عرضهم بالمزاد لمن ينقص لا لمن يزيد ، يقول صاحب الأخبار المجموعة : «ولقد بلغنا أنّه باع أشياخهم لمن ينقص بهم ، لقد قيل إنّه صاح على ابن الحسن (١) وعلى الحرث بن أسد (٢) فقال : من يخسر على هذين الشيخين؟ فقال قائل : أحدهما عندي بعشرة دنانير! فقال الصائح : من ينقص؟ فلم يزل يصيح : من ينقص؟ حتّى باع أحدهما بكلب والآخر بعود» (٣) وقرر ثعلبة أن يقتل الأسرى ، وتزامن ذلك مع دخول أبي الخطار الذي عينه هشام بن عبد الملك خلفا لثعلبة ، فسلّم الأسرى إليه ، وكانت ولاية أبي الخطار سببا لنجاتهم ، يقول ابن الأثير : «فدخل قرطبة يوم الجمعة فرأى ثعلبة بن سلامة أميرها قد أحضر الأسارى الألف من البربر ليقتلهم ، فلما دخل أبو الخطار دفع الأسرى إليه ، فكانت ولايته سببا لحياتهم» (٤).
بعد حادثة الأسرى ، اضطرّ أبو الخطار إلى إخراج ثعلبة واثنين من قادة الجيش من الأندلس إلى الشام ، فلم يرض من كان من أهل الشام بذلك ،
__________________
(١) علي بن الحسن من أهل المدينة المنوّرة.
(٢) الحرث بن أسد من أهل المدينة أيضا.
(٣) فجر الأندلس : ص ٣٥٩ ، نقلا عن الأخبار المجموعة ص ٤٥.
(٤) الكامل : ج ٣ ، ص ٣٩٩ ، النجوم الزاهرة : ج ١ ، ص ٢٨١ و ٢٨٢.