فأخذها ، وجعل يلفّها على رأسه ، وقاسم يدير له رأسه حتى أخذها ، ولم يكلمه القاسم ، ولا أحد من أصحابه ، ولم يقطع كلامه.
أنبأنا أبو تراب حيدرة بن أحمد بن الحسين ، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنبأنا الحسن بن حبيب قال : سمعت أبا الرضا الصياد ـ وكان من المتعبدين يقول : قال قاسم بن عثمان وكان عابد الشام فذكر حكاية (١).
أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين المقرئ ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن علي بن محمّد المقرئ ، أنبأنا أبو علي الحسن بن الحسين بن حمكان الفقيه ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن أحمد ابن إبراهيم بن يونس ختن الليث الرازي ـ بالريّ ـ قال : سمعت عبد الرّحمن بن أبي حاتم الرازي يقول :
دخلت دمشق على كتبة الحديث ، فمررت بحلقة قاسم الجوعي فرأيت نفرا جلوسا حوله وهو يتكلم عليهم ، فهالني منظرهم فتقدمت إليهم ، فسمعته يقول : اغتنموا من أهل زمانكم خمسا منها : إن حضرتم لم تعرفوا ، وإن غبتم لم تفقدوا (٢) ، وإن شهدتم لم تشاوروا ، وإن قلتم شيئا لم يقبل قولكم ، وإن عملتم شيئا لم تعطوا به ، وأوصيكم بخمس أيضا : إن ظلمتم لم تظلموا ، وإن مدحتم لم تفرحوا ، أو إن ذممتم لم تجزعوا ، وإن كذّبتم فلا تغضبوا ، وإن خانوكم فلا تخونوا ، قال : فحصلت فائدتي من دمشق.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، وابن السّمرقندي ، قالا : حدّثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا أبو نصر عبد الوهّاب بن عبد الله ، حدّثنا محمّد بن سليمان الربعي ، حدّثنا أبو الحسين محمّد بن الفيض قال (٣) :
وقدم يحيى بن أكثم مع المأمون إلى دمشق سنة ست عشرة ومائتين ، فبعث إلى أحمد ابن أبي الحواري ، فسمع منه وجالسه واستعذبه ، وخلع عليه ثيابا سريّة ، وقلنسوة وشيئا من قلانسه طويلة (٤) ، ودفع إليه خمسة آلاف درهم ، وقال : يا أبا الحسن فرّق هذه حيث ترى ، فدخل بها المسجد ، وصلّى صلوات بالقلنسوة وأقامت عليه أياما ، فقال بعض جلساء قاسم
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٢ / ٧٨.
(٢) كذا بالأصل ، وفي م و «ز» : تفتقدوا.
(٣) من طريقه رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٢ / ٧٨ ـ ٧٩.
(٤) في «؟؟؟» قلانسهم طويلة.