لقاسم : يا معلّم هذا أحمد بن أبي الحواري ، أخذ دراهم ولبس قلنسوته فالتفت قاسم فنظر إليه فقال : أخذ دراهم اللصوص ولبس قلانس اللصوص.
وكان قاسم إذا راح إلى المسجد في وقت الزوال يدخل من باب الفراديس ، ويأخذ في الاسطوان الغربي حتى يصير إلى المصعد ، ثم يأخذ قبلة حتى يدخل من أقصى الأبواب إلى مجلسه ، فلما كان من الغد ، من يوم نظره إلى أحمد ، دخل من باب الفراديس حتى قام (١) باب القبة ، ثم مرّ حتى مرّ بأحمد وهو جالس يشهد في ركوعه ، والقلنسوة على رأسه فلما حاذى به رفع يده فلطم القلنسوة ، فالتفت أحمد بن أبي الحواري ، فنظر إليه ، فسلّم ثم التفت إلى ابنه إبراهيم فقال : يا إبراهيم خذ القلنسوة ، وامض بها إلى البيت ، فقال له من رآه : يا أبا الحسن ، ما رأيت ما فعل بك هذا الرجل؟ فقال : رحمهالله.
أنبأنا أبو محمّد بن الأكفاني ، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا علي بن محمّد الحنائي ، أنبأنا أبو الحسين عبد الوهّاب بن الحسن ، حدّثنا سعيد بن عبد العزيز الحلبي قال :
سمعت قاسم الجوعي وقال له رجل : ادع لي ، فإنّ السلطان يطلبني وأنا مظلوم ، قال : ما أخدعك ، أنا ما أدعو لنفسي ، أنا أعرف أيش تحت ثيابي.
أخبرنا أبو محمّد بن صابر ، وأبو الحسين أحمد بن سلامة بن يحيى ـ إذنا ـ قالا : أنبأنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن الحسين بن محمّد بن إبراهيم ـ قراءة ـ أنبأنا أبي ، حدّثنا أبو الفرج محمّد بن عبد الله بن المعلم قال : سمعت عمرو بن المري (٢) يقول : سمعت أستاذي المعلم ـ يعني ـ ابن سيد حمدوية يقول :
كان أستاذي قاسم الجوعي عند باب الساعات في الجامع قال : يا من يحضر عندنا : من يمضي بكتابي إلى بعض إخواني إلى صور؟ فقلت : أنا يا أستاذ ، فأخذت الكتاب ، ودعا لي ثم سرت إلى صور ، فدفعت الكتاب إلى الشيخ ثم قدّم لي شيئا فأكلت ، وكانت ليلة مقمرة ، وكنت أشرف على البحر ، فإذا برجل (٣) قد دخل على الشيخ فسلّم عليه وقال له : هذا كتاب قاسم الجوعي يقرأ عليك فيه السلام ، فلمّا صلّيت الغداة ناولني الشيخ الكتاب ، فقلت له : يا
__________________
(١) كذا بالأصل وم و «ز» ، وصححها محقق المختصر : «وافى» وهو الوجه الصواب.
(٢) كذا بالأصل : «عمرو بن المري» وفي م و «ز» : عمر بن البري.
(٣) الأصل : رجل ، والمثبت عن م و «ز».