سبقني ببعض النهار ، فقدمت وقد انتهى إلى مكة خبر قتلاهم ، وهم يلعنون الخزاعي ، ويقولون : ما جاءنا بخير ، فمكثت بمكة ، فما كان بعد الخندق قلت : لو قدمت المدينة فنظرت ما يقول محمّد! وقد وقع في قلبي الإسلام ، فقدمت المدينة فسألت عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : هو ذاك في ظلّ المسجد مع ملإ من أصحابه ، فأتيته ، وأنا لا أعرفه من بينهم ، فسلّمت فقال : «يا قباث بن أشيم أنت القائل يوم بدر : ما رأيت مثل هذا الأمر فرّ منه إلّا النساء؟» [١٠٥٢٩] فقلت : أشهد أنك رسول الله وأنّ هذا الأمر ما خرج منّي إلى أحد قط ، وما ترمرمت به ألّا شيئا حدّثت به نفسي ، فلولا أنك نبي ما أطلعك الله عليه ، هلمّ حتى أبايعك ، فعرض عليّ الإسلام ، فأسلمت.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنبأنا محمّد بن عبد الرّحمن بن العباس ، أنبأنا أبو بكر بن سيف ، أنبأنا السّري بن يحيى (١) ، أنبأنا شعيب بن إبراهيم ، حدّثنا سيف بن عمر ، عن عبد الله بن سعيد عن أبي سعيد قال : قال قباث : كنت بالوفد بفتح اليرموك ، وقد أصبنا خيرا ونفلا كثيرا ، فمرّ بنا الدليل على ماء رجل قد كنت اتبعته (٢) في الجاهلية حتى أدركت وآنست من نفسي لأصيب منه ، وكنت دللت عليه فأتيته فأخبرته ، فقال : قد أصبت ، وإذا رئبال من رآبلة (٣) العرب فكان يأكل في اليوم عجز جزور بأدمها أو مقدار ذلك من غير العجز ما يفضل عنه إلّا ما يقوتني ، وكان يغير على الحي ويدعني قريبا ويقول : إذا مرّ بك راجز يرجز بكذا (٤) فأنا ذاك ، فشلّ (٥) معي ، فكنت (٦) بذلك حتى أقطعني قطيعا من مال ، فأتيت أهلي وهو أوّل مال أصبته ، ثم إنّي رأست قومي ، وبلغت مبلغ الرجال العرب ، فلما مرّ بنا الدليل على ذلك الماء عرفته ، فسألته عن بنيه (٧) فلم يعرفوهم وقالوا : أهو حي؟ فأتيت ببنين استفادهم بعدي ، فأخبرتهم خبري فقالوا : اغد إلينا غدا ، فإنه أقرب ما يكون إلى ما تحب بالغداة ، فغاديتهم فأدخلت عليه ، فأخرج من خدره ، فأجلس لي ،
__________________
(١) من هذا الطريق رواه الطبري في تاريخه ٣ / ٤٠٤.
(٢) بالأصل : أبتغيه ، والمثبت عن م ، و «ز» ، والطبري.
(٣) بالأصل : «أربال من أرابلة» وفي م : «رببار من أرابلة» والمثبت عن «ز» ، وتاريخ الطبري.
(٤) الأصل وم و «ز» : بلدا ، والمثبت عن الطبري ، وفيه : بكذا كذا.
(٥) بالأصل : «فسد» وفي م : «فشد» وفي «ز» : «فسر». والمثبت عن الطبري.
(٦) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الطبري : فمكثت.
(٧) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الطبري : عن بيته فلم يعرفوه.