نفسي من ذلك ، فأتيت عمر بن الخطّاب أسأله ، فوجدت إلى جنبه رجلا أبيض رقيق (١) الوجه ، وإذا هو عبد الرّحمن بن عوف ، فسألت عمر ، فالتفت إلى عبد الرّحمن فقال : ترى شاة تكفيه؟ قال : نعم ، فأمرني أن أذبح شاة ، فلمّا قمنا من عنده قال صاحب لي : إنّ أمير المؤمنين لم يحسن أن يفتيك حتى سأل الرجل ، فسمع عمر بعض كلامه ، فعلاه بالدرّة ضربا ثم أقبل عليّ ليضربني فقلت : يا أمير المؤمنين إنّي لم أقل شيئا إنّما هو قاله ، قال : فتركني ثم قال : أردت أن تقتل الحرام وتتعدى الفتيا ، ثم قال أمير (٢) المؤمنين : إنّ في الإنسان عشرة أخلاق : تسعة (٣) حسنة وواحدة سيئة ، ويفسدها ذلك السيئ ثم قال : وإياك وعثرة الشباب.
أنبأنا أبو الغنائم بن النّرسي ، ثم حدّثنا أبو الفضل بن ناصر ، أنبأنا أحمد بن الحسن ، والمبارك بن عبد الجبار ، ومحمّد بن علي ، واللفظ له ، قالوا : أنبأنا أبو أحمد ـ زاد أحمد ومحمّد بن الحسن قالا : ـ أنبأنا أحمد بن عبدان ، أنبأنا محمّد بن سهل ، أنبأنا محمّد بن إسماعيل قال (٤) :
قال محمّد بن عبّاد عن ابن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن قبيصة قال : ألا أخبركم عن من صحبت؟ صحبت عمر بن الخطّاب فما رأيت أحدا أفقه في كتاب (٥) الله ، ولا أحسن مدارسة منه ، وصحبت طلحة بن عبيد الله ، فما رأيت أحدا أعطى لجزيل مال (٦) عن غير مسألة منه ، [وصحبت (٧) عمرو بن العاص فما رأيت أحدا أنصع ظرفا أو أبين (٨) ظرفا منه ، وصحبت معاوية فما رأيت أحدا أكثر حلما منه (٩) ولا أبعد أناة منه] وصحبت زيادا ، فما رأيت أحدا أكرم جليسا منه ولا أخصب رفيقا منه ، وصحبت المغيرة بن شعبة ، فلو أنّ مدينة لها أبواب لا يخرج من كلّ باب منها إلّا بالمكر لخرج من أبوابها (١٠) كلها.
__________________
(١) بالأصل : «دقيق الوجه» والمثبت عن م و «ز».
(٢) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : يا أمير المؤمنين.
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : سبعة ، تصحيف.
(٤) رواه البخاري في التاريخ الكبير ٧ / ١٧٥.
(٥) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي التاريخ الكبير : في دين الله تعالى.
(٦) في التاريخ الكبير : «للجزيل» بدل «لجزيل مال» وفي «ز» : «لمن يك».
(٧) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن التاريخ الكبير وم و «ز». (واللفظ عن البخاري).
(٨) في م و «ز» : أتم.
(٩) هنا زيد بعدها في التاريخ الكبير : «ولا أكرم» وقد وضعت بين قوسين فيه ، ونبه محققه بهامشه أنه أخذها عن إحدى نسخه.
(١٠) في التاريخ الكبير : لخرج منها كلها.