وأمرتنا له بالسجود وأسكنته الجنة؟ قال : إنّه عصاني فأخرجته من الجنّة ، فاشتاقت الملائكة إلى آدم ، فقال جبريل : يا ربّ ، إن آدم اشتاق إلى الملائكة ، فقال الله : يا جبريل ، إنّ الملائكة قد اشتاقت إلى آدم كما اشتاق آدم إليهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كذلك الأرواح تتعارف» ، قال الله : يا جبريل انطلق بالبيت المعمور فاهبط به إلى الأرض ، وضعه في حرمي ، وقل لآدم يحجّه ، ويوافي ملائكتي هناك ، فجاء جبريل وهما يختصمان ـ قابين وهابيل ـ فأخبر آدم فقال لهما آدم : قرّبا القربان ، قال : وكان قابين صاحب زراعة وهابيل صاحب غنم ، فقرّب هابيل كبشا وكان قائد غنمه ، يقال له رزين (١) ، وهو الكبش الذي فدى الله به إسحاق ، وقرّب قابين من زوان (٢) حرثه. قال : فقرّبا ذلك.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنبأنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأنا جدي أبو بكر ، أنبأنا محمّد بن يوسف بن بشر قال : قرئ علي محمّد بن حمّاد ، أنبأنا عبد الرزّاق ، أنبأنا معمر ، عن قتادة في قوله : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ)(٣) قال : هما هابيل وقابيل قال : كان أحدهما صاحب زرع والآخر صاحب ماشية ، فجاء أحدهما بخير ماله ، وجاء الآخر بشرّ ماله ، فجاءت النار فأكلت قربان أحدهما وهو هابيل ، وتركت قربان الآخر ، فحسده فقال : (لَأَقْتُلَنَّكَ)(٤).
وأما قوله : (إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ) فيقول : تبوء بإثم قتلي ، وإثمك ، وأما قوله تعالى : (فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ) فإنه قتل غراب غرابا ، فجعل يحثو عليه ، فقال ابن آدم الذي قتل أخاه حين رآه (يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي ، فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ)(٥).
أخبرنا أبو الحسن علي بن بركات بن إبراهيم في كتابه ، حدّثنا أبو بكر أحمد بن علي ، أنبأنا أبو الحسن بن رزقوية ، أنبأنا أبو عمرو الدقاق ، وأبو بكر الحداد ، قالا : أنبأنا الحسين (٦)
__________________
(١) كذا رسمها بالأصل وم وز ، وفي المختصر : رذين.
(٢) بدون إعجام في م ، وفي «ز» : ذوان ، وفوقها ضبة والزوان : حب يخالط البر كما في الصحاح ، وفي التاج : هو ما يخرج من الطعام فيرمى به ، وهو الرديء منه.
(٣) سورة المائدة ، الآية : ٢٧ إلى ٣١.
(٤) قال له ذلك حتى لا ينكح أخته ، راجع البداية والنهاية والكامل لابن الأثير.
(٥) سورة المائدة ، الآية : ٢٧ إلى ٣١.
(٦) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : الحسن.