ومحمّد بن أبي حذيفة إلى مصر ، وأمّر محمّد بن أبي بكر ، فلما قدما على قيس بن سعد بنزعه عرف قيس أنّ معاوية وعمرو بن العاص قد خدعا عليا ومكرا به ، فقال قيس بن سعد لمحمّد ابن أبي بكر ومحمّد بن أبي حذيفة : يا بني (١) أخي لا تصافا معاوية وعمرو بن العاص غدا بأهل مصر ، فإنهم سيسلمونكما فتقتلان ، فكان كما قال قيس.
قال : وحدّثنا محمّد بن سعد ، أنبأنا محمّد بن عمر ، حدّثنا مفضّل بن فضالة المعافري ، عن يزيد بن أبي حبيب قال (٢) :
استعمل علي بن أبي طالب قيس بن سعد على مصر ، وكان من ذوي [الرأي](٣) فكان قد ضبط مصر ، وقام فيها قياما مجزيا ، ووادع أهل خربتا (٤) وأدرّ عليهم أرزاقهم ، وكفّ عنهم ، وأحسن جوارهم ، وكان عمرو بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان قد شقّ عليهما وعلى أهل الشام ما يصنع قيس بن سعد من مناصحة علي ، وما ضيّق على الشام فلا يحمل إليهم طعاما (٥) ، فكان عمرو بن العاص ومعاوية جاهدين أن يخرجا قيسا من مصر ويغلبا عليها ، وكان قيس قد امتنع منهما بالمكيدة والدهاء ، فمكرا بعلي في أمره ، فكتب معاوية كتابا في قيس إليه يذكر فيه ما أتى إلى عثمان من الأمر العظيم وأنه على السمع والطاعة ، ثم نادى معاوية : الصلاة جامعة ، فاجتمع الناس في السلاح ، فحمد الله وأثنى عليه وقال : يا أهل الشام إنّ الله ينصر خليفته المظلوم ، ويخذل عدوه ، أبشروا ، هذا قيس بن سعد ، ناب العرب ، قد أبصر الأمر ، وعرفه على نفسه ، ورجع إلى ما عليه من السمع والطاعة ، والطلب بدم خليفتكم ، وكتب إليّ بذلك كتابا ، وأمر بالكتاب فقرئ ، وقد أمر بحمل الطعام إليكم ، فادعوا الله لقيس بن سعد ، وارفعوا أيديكم ، وابتهلوا له في الدعاء بالبقاء والصلاح ، فعجّوا وعجّ معاوية وعمرو ، ورفعوا أيديهم ساعة ثم افترقوا ، فأخذ معاوية بيد عمرو بن العاص فقال : تحيّن خروج العيون اليوم إلى علي بسير الخبر إليه سبعا أو ثمانيا فيكون أول من يعزل قيس بن سعد ، فكلّ من ولي أهون علينا من قيس ، فتحيّنوا خبر علي ، فلما ورد عليه الخبر
__________________
(١) العبارة في سير أعلام النبلاء : يا بن أخي احذر ، يعني أهل مصر ، فإنهم سيسلمونكما فتقتلان ، فكان كما قال.
(٢) من طريقه رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٣ / ١٠٩.
(٣) الزيادة عن م.
(٤) الأصل وم : «حرتبا» والمثبت عن معجم البلدان ، وضبطه الحازمي خرنبا بالنون ثم الباء ، قال ياقوت وهو خطأ.
من كور مصر ثم كور الحوف الغربي ، وهو حوالي الإسكندرية.
(٥) الأصل : «طعام» وسقطت الكلمة من م.