قيس : إنّ لي في أمركم بصيرة ، وإنّه لا يحملني وإن حوّلتموني إلّا أن أؤدي إليكم النصيحة ، إن أرادوا منك ـ يعني ـ أهل مصر كذا فاصنع كذا ، فإنّك إن فعلت فلعلك أن تنجو ، وإن عملت بغير ذلك هلكت ، فاستغشه محمّد بن أبي بكر فلم يدع شيئا مما أمره قيس إلّا خالفه ، فلم يلبث عمرو ومعاوية أن أخذا مصر وغلبوا عليها ، فأخذوا محمّد بن أبي بكر فقتلوه ، ثم جعلوه في جيفة حمار فأحرقوه بالنار ، ثم خرج قيس [حين قدم عليه محمّد بن أبي بكر إلى المدينة فأتاه فأخافه مروان ، والأسود بن أبي البختري ، فخرج قيس](١) من المدينة حتى أتى عليا بالكوفة ، فكتب معاوية إلى مروان والأسود يتغيظ عليهما ، ويقول : والله لو أمددتما عليا بمائة ألف ، ما كان أغيظ إليّ مما صنعتما ، فلمّا قدم قيس على علي باثه الخبر ، وأخبره بما كان من كتب معاوية إليه ، فعلم أن معاوية قد مكر به ، فجعله على شرطة الجيش على أربعين ألفا كانوا قد بايعوا عليا على الموت.
أخبرنا أبو محمّد بن حمزة ، أنبأنا أبو بكر الخطيب.
ح وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنبأنا أبو بكر بن الطبري ، أنبأنا أبو الحسين ابن الفضل ، أنبأنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب قال :
في أسامي أمراء علي بن أبي طالب في يوم صفّين : قيس بن سعد.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنبأنا الحسن بن علي ، أنبأنا أبو عمر بن حيّوية ، أنبأنا أحمد بن معروف ، أنبأنا الحسين بن الفهم ، حدّثنا محمّد بن سعد ، أنبأنا أبو أسامة حمّاد ابن أسامة ، حدّثنا هشام بن عروة (٢) ، عن أبيه قال :
كان قيس بن سعد بن عبادة مع علي بن أبي طالب في مقدمته ، ومعه خمسة آلاف قد حلقوا رءوسهم بعد ما مات علي ، فلمّا دخل الحسن (٣) في بيعة معاوية أبى قيس بن سعد أن يدخل ، وقال لأصحابه : ما شئتم ، إن شئتم جالدت بكم أبدا حتى يموت الأعجل ، وإن شئتم أخذت لكم أمانا ، فقالوا : خذ لنا ، فأخذ لهم أنّ لهم كذا وكذا ، ولا يعاقبون بشيء ، وأنا رجل منهم ، وأبى أن يأخذ لنفسه خاصة شيئا ، فلمّا ارتحل نحو المدينة ومعه أصحابه جعل ينحر كلّ يوم جزورا حتى بلغ صرارا (٤).
__________________
(١) ما بين معكوفتين استدرك عن هامش الأصل وبعده كتب : صح.
(٢) من طريقه رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٣ / ١١٠ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٤١ ـ ٦٠) ص ٢٩١.
(٣) في م : «الحسين» وفي تاريخ الإسلام : الجيش ، وكانت في أصل سير الأعلام : الجيش.
(٤) صرار : موضع على ثلاثة أميال من المدينة على طريق العراق.