رعاها بعده ، وأما قولك : «يأبى الحقين العذرة» فليس دون الله يد تحجرك (١) ، فشأنك يا معاوية ، فقال معاوية : سوأة ، ارفعوا حوائجكم.
أخبرنا (٢) أبو بكر اللفتواني ، أنبأنا أبو عمرو بن مندة ، أنبأنا أبو محمّد بن يوة ، أنبأنا أبو الحسن اللّنباني (٣) ، حدّثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثنا أبو يوسف العبدي ، حدّثنا أبو تميلة (٤) ، أخبرني (٥) رجل من ولد الحارث بن الصمة ـ يعني ـ أبا عثمان.
أن ملك الروم أرسل إلى معاوية أن ابعث إليّ بسراويل أطول رجل من العرب ، فقال لقيس بن سعد : ما نظننا إلّا قد احتجنا إلى سراويلك ، قال : فقام فتنحّى فجاء بها ، فألقاها إلى معاوية ، فقال : يرحمك الله ، وما أردت إلى هذا؟ ألا ذهبت إلى بيتك فبعثت بها؟ فأنشأ فقال :
أردت بها كي يعلم الناس أنّها |
|
سراويل قيس والوفود شهود |
وأن لا يقولوا غاب قيس وهذه |
|
سراويل عاديّ نمته ثمود |
وإنّي من الحيّ اليماني لسيّد |
|
وما الناس إلّا سيد ومسود |
فكدهم بمثلي إنّ مثلي عليهم |
|
شديد وخلقي في الرجال شديد |
قال : فأمر معاوية بأطول رجل في الجيش فوضعها على أنفه قال : فوقعت بالأرض ، قال : فدعا له بسراويل ، فلما جاء بها قال له قيس : نحّ عنك تبانك (٦) هذا ، فقال معاوية :
أما قريش فأقوام مسرولة |
|
واليثربيون أصحاب التّبابين |
فقال قيس (٧) :
تلك اليهود التي يعني ببلدتنا |
|
كما قريش هم أهل السياخين (٨) |
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفي م وسير أعلام النبلاء : تحجزك.
(٢) كتب فوقها في الأصل : ملحق.
(٣) الأصل : اللبناني ، بتقديم الباء ، والتصويب بتقديم النون عن م.
(٤) رسمها بالأصل : «ميله» وفي م : «تليه» وكلاهما تصحيف ، والصواب ما أثبت ، وهو أبو تميلة يحيى بن واضح ، ترجمته في تهذيب الكمال ٢٠ / ٢٤٨.
(٥) من طريق أبي تميلة يحيى بن واضح روي الخبر والشعر في تهذيب الكمال ١٥ / ٣١٦ وسير أعلام النبلاء ٣ / ١١٢ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٤١ ـ ٦٠) ص ٢٩١.
(٦) بالأصل وم : ثيابك ، والمثبت عن تهذيب الكمال.
(٧) قوله : «فقال قيس» ليس في م ولا في تهذيب الكمال.
(٨) عقب ابن عبد البر في الاستيعاب قال : «خبره في السراويل عند معاوية كذب وزور مختلق ليس له إسناد ولا يشبه أخلاق قيس ولا مذهبه في معاوية ولا سيرته في نفسه ونزاهته ، وهي حكاية مفتعلة وشعر مزور» والله أعلم.