أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا المعافي بن زكريا (١) ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن أبي العلاء الأضاحي ، حدّثنا أبو سعيد عبد الله بن شبيب ، حدّثني يعقوب بن إبراهيم الدّورقي ، حدّثني أبو تميلة يحيى بن واضح ، أخبرني رجل من ولد الحارث بن الصمة يكنى أبا عثمان قال :
بعث قيصر إلى معاوية بن أبي سفيان : أن ابعث إليّ سراويل أطول رجل من العرب ، فقال لقيس بن سعد : ما أظننا إلّا قد احتجنا إلى سراويلك ، قال : فقام فتنحّى فجاء بها فألقاها إلى معاوية ، فقال معاوية : رحمك الله ، ما أردت إلى هذا؟ ألا ذهبت إلى منزلك ثم بعثت بها إلينا؟ فقال قيس :
أردت بها كي (٢) يعلم الناس أنّها |
|
سراويل قيس والوفود شهود |
وأن لا يقولوا غاب قيس وهذه |
|
سراويل عاديّ نمته ثمود |
|
||
وإني من الحيّ اليماني لسيّد |
|
وما الناس إلّا سيّد ومسود |
فكدهم بمثلي إنّ مثلي عليهم |
|
شديد وخلقي في الرجال مديد |
قال : فأمر معاوية أطول رجل في الجيش فوضعها على أنفه ، فوقعت بالأرض ، قال : فدعا معاوية بسراويل ، فلما جيء بها ، قال له قيس : نحّ عنك ثيابك هذا ، فقال معاوية :
أما قريش فأقوام مسرولة |
|
واليثربيون أصحاب التّبابين (٣) |
فقال قيس :
تلك اليهود التي يعني ببلدتنا |
|
كما قريش هم أهل السّخاخين |
[قال المعافى :](٤) وقد روي لنا هذا الخبر من وجوه ، وهذا الذي حضرنا منها ، وجاء من طريق آخر وفيه زيادة وخلاف في سياقته وبعض معانيه وألفاظه ، فمن تامّ ما روي فيها.
أن قيصر كتب إلى معاوية : إنّي قد وجّهت إليك رجلين : أحدهما أقوى رجل ببلادي ، والآخر أطول رجل في أرضي ، وقد كانت الملوك تتجارى في مثل هذا وتتحاجى به ، فأخرج إليهما ممن في سلطانك من يقاوم كلّ واحد منهما ، فإن غلب صاحباك حملت إليك من المال وأسارى المسلمين كذا وكذا ، وإن غلب صاحباي هادنتني ثلاث سنين.
__________________
(١) رواه المعافي بن زكريا في الجليس الصالح الكافي ٤ / ١٦٦.
(٢) في الجليس الصالح : أردت لكيما يعلم.
(٣) التبابين واحدها تبان : بالضم وبالتشديد : سراويل مقدار شبر يستر العورة.
(٤) الزيادة منا للإيضاح ، والخبر في الجليس الصالح الكافي ٤ / ١٦٧.