بضجر ، ولا النعمة ببطر». ومن شجاعة الملوك التي ينبغي أن توضع في مواضعها ، وقد قدمنا ذكر جملها ومعناها. انه رفع الى أنو شروان يسأل عن مبارزته العدو بنفسه : ـ فوقع لتشتهر في الافاق شجاعتنا وتنتشر أخبارنا فيرهبنا عدونا. وهذا القول مما ينبغي أن يسمعه الملك ، ولا يعمل في كل وقت به ، بل يفعله اذا حضر وقت يصلح له ، وحال يمكن فيها من الظفر بعدوه ، كما فعل الاسكندر بفور ملك الهند ، فانه بارزه لما توجهت له المكيدة عليه ، ووثق من نفسه باستظهار في مبارزته. فأما اذا لم يتوجه له ما يتقن الغلبة معه ، فينبغي أن يعمل الملك كما عمل المنصور مع ابن هبيرة ، وهو محاصر له بواسط ، أني خارج اليك يوم كذا ، وداعيك الى المبارزة فأنه بلغني تجبينك إياي فأجابه المنصور عن هذه الرسالة ، بأن قال له : يا بن هبيرة قد تعديت طورك ، وجريت في عنان غيك ، وسأضرب لك مثلا يشاكل أمرك. بلغني ان أسدا لقي خنزيرا فقال له الخنزير ، قاتلني ، فقال له الاسد لست بكفء لى لانك خنزير ومتى فعلت الذي دعوتني اليه فغلبتك ، لم اكتسب بذلك ذكرا ولا نلق به فخرا ، وان نالني شيء كان علي في ذلك سبّه ، فقال الخنزير : ان أنت لم تفعل رجعت الى السباع فاعلمتها انك نكلت عني وضعفت عن قتالي ، فقال له الاسد : احتمالي على كذبك (١) أيسر علي من لطخ شاربي بدمك.
ومما يحتاج الملك الى التذكير (٢) به هو ما تقدم في باب الشهوات والاحتماء من الافراط فيها : ـ انه رفع الى أنو شروان بأن الموكل بالمائدة وصف امساك الملك عما كانت تميل اليه شهوته من المطاعم فوقع. تركنا ما نحبه لنستغني عن التعالج بما نكرهه ... وفي المثل السائر والقول الغابر اعجز العجزة من عجز سياسة نفسه. وسئل بعض الحكماء فقيل له :
__________________
(١) في س : عالذبك.
(٢) في س ، ت : التذكر.