(إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) ، وذلك القول المحذوف في موضع الحال ، أي اتخذوهم قائلين ما نعبدهم. وأجاز الزمخشري أن يكون الخبر (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ) ، وقالوا : المحذوفة بدل من اتخذوا صلة الذين ، فلا يكون له موضع من الإعراب ، وكأنه من بدل الاشتمال. وفي مصحف عبد الله : قالوا ما نعبدهم ، وبه قرأ هو وابن عباس ومجاهد وابن جبير ، وأجاز الزمخشري أن يكون (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا) بمعنى المتخذين ، وهم الملائكة وعيسى واللات والعزى ونحوهم ، والضمير في اتخذوا عائد على الموصول محذوف تقديره : والذين اتخذهم المشركون أولياء ، وأولياء مفعول ثان ، وهذا الذي أجازه خلاف الظاهر ، وهذه المقالة شائعة في العرب ، فقال ذلك ناس منهم في الملائكة وناس في الأصنام والأوثان. قال مجاهد : وقد قال ذلك قوم من اليهود في عزيز ، وقوم من النصارى في المسيح. وقرىء : ما نعبدهم بضم النون ، اتباعا لحركة الباء.
(إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) : اقتصر في الرد على مجرد التهديد ، والظاهر أن الضمير في بينهم عائد على المتخذين ، والمتخذين والحكم بينهم هو بإدخال الملائكة وعيسى عليهالسلام الجنة ، ويدخلهم النار مع الحجارة والخشب التي نحتوها وعبدوها من دون الله ، يعذبهم بها ، حيث يجعلهم وإياها حصب جهنم. واختلافهم أن من عبدوه كالملائكة وعيسى كانوا متبرئين منهم لاعنين لهم موحدين لله. وقيل : الضمير في بينهم عائد على المشركين والمؤمنين ، إذا كانوا يلومونهم على عبادة الأصنام فيقولون : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) ، والحكم إذ ذاك هو في يوم القيامة بين الفريقين.
(إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ) : كاذب في دعواه أن لله شريكا ، كفار لأنعم الله حيث جعل مكان الشكر الكفر ، والمعنى : لا يهدي من ختم عليه بالموافاة على الكفر فهو عام ، والمعنى على الخصوص : فكم قد هدى من سبق منه الكذب والكفر. قال ابن عطية : لا يهدي الكاذب الكافر في حال كذبه وكفره. وقال الزمخشري : المراد بمنع الهداية : منع اللطف تسجيلا عليهم بأن لا لطف لهم ، وأنهم في علم الله من الهالكين. انتهى ، وهو على طريق الاعتزال. وقرأ أنس بن مالك ، والجحدري ، والحسن ، والأعرج ، وابن يعمر : كذاب كفار. وقرأ زيد بن علي : كذوب وكفور.
ولما كان من كذبهم دعوى بعضهم أن الملائكة بنات الله ، وعبدوها عقبه بقوله : (لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) ، تشريفا له وتبنيا ، إذ يستحيل أن يكون ذلك في حقه تعالى بالتوالد