وقال هلال بن أساف : كان يقال : انتظروا القضاء في رمضان. وقال عكرمة : لفضل الملائكة في ليلة النصف من شعبان. وجوزوا في أمرا أن يكون مفعولا به بمنذرين لقوله : (لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً) (١). أو على الاختصاص ، جعل كل أمر حكيم جزلا فخما ، بأن وصفه بالحكيم ، ثم زاده جزالة وفخامة نفسه بأن قال : أعني بهذا الأمر أمرا حاصلا من عندنا ، كائنا من لدنا ، وكما اقتضاه علمنا وتدبيرنا ، كذا قال الزمخشري. وقال : وفي قراءة زيد بن علي : (أَمْراً مِنْ عِنْدِنا) ، على هو أمرا ، وهي نصب على الاختصاص ومقبولا له ، والعامل أنزلنا ، أو منذرين ، أو يفرق ، ومصدرا من معنى يفرق ، أي فرقا من عندنا ، أو من أمرنا محذوفا وحالا ، قيل : من كل ، والذي تلقيناه من أشياخنا أنه حال من أمر ، لأنه وصف بحكيم ، فحسنت الحال منه ، إلا أن فيه الحال من المضاف إليه ، وهو ليس في موضع رفع ولا نصب ، ولا يجوز. وقيل : من ضمير الفاعل في أنزلناه ، أي أمرني. وقيل : من ضمير المفعول في أنزلناه ، أي في حال كونه أمرا من عندنا بما يجب أن يفعل. والظاهر أن من عندنا صفة لأمرا ، وقيل : يتعلق بيفرق.
(إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) : لما ذكر إنزال القرآن ، ذكر المرسل ، أي مرسلين الأنبياء بالكتب للعباد. فالجملة المؤكدة مستأنفة. وقيل : يجوز أن يكون بدلا من (إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ). وجوزوا في رحمة أن يكون مصدرا ، أي رحمنا رحمة ، وأن يكون مفعولا له بأنزلناه ، أو ليفرق ، أو لأمرا من عندنا. وأن يكون مفعولا بمرسلين ؛ والرحمة توصف بالإرسال ، كما وصفت به في قوله : (وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) (٢). والمعنى على هذا : أنا نفصل في هذه الليلة كل أمر ، أو تصدر الأوامر من عندنا ، لأن من عادتنا أن نرسل رحمتنا. وقرأ زيد بن علي ، والحسن : رحمة ، بالرفع : أي تلك رحمة من ربك ، التفاتا من مضمر إلى ظاهر ، إذ لو روعي ما قبله ، لكان رحمة منا ، لكنه وضع الظاهر موضع المضمر ، إيذانا بأن الربوبية تقتضي الرحمة على المربوبين. وقرأ ابن محيصن ، والأعمش ، وأبو حيوة ، والكوفيون : (رَبِّ السَّماواتِ) ، بالخفض بدلا من ربك ؛ وباقي السبعة ، والأعرج ، وابن أبي إسحاق ، وأبو جعفر ، وشيبة : بالرفع على القطع ، أي هو رب. وقرأ الجمهور : (رَبُّكُمْ وَرَبُ) ، برفعهما ؛ وابن أبي إسحاق ، وابن محيصن ، وأبو حيوة ، والزعفراني ، وابن مقسم ، والحسن ، وأبو موسى عيسى بن سليمان ، وصالح الناقط ، كلاهما عن الكسائي : بالجر ؛ وأحمد بن جبير الأنطاكي : ربكم ورب ، بالنصب على المدح ، وهم يخالفون بين
__________________
(١) سورة الكهف : ١٨ / ٢.
(٢) سورة فاطر : ٣٥ / ٢.