الإعراب ، الرفع والنصب ، إذا طالت النعوت. وقوله : (إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) ، تحريك لهم بأنكم تقرون بأنه تعالى خالق العالم ، وأنه أنزل الكتب ، وأرسل الرسل رحمة منه ، وأن ذلك منكم من غير علم وإيقان. ولذلك جاء : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ) ، أي في شك لا يزالون فيه يلعبون. فإقرارهم ليس عن حد ولا تيقن.
(فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ). قال علي بن أبي طالب : وابن عمر ، وابن عباس ، وسعيد الخدري ، وزيد بن علي ، والحسن : هو دخان يجيء يوم القيامة ، يصيب المؤمن منه مثل الزكام ، وينضج رؤوس الكافرين والمنافقين ، حتى تكون مصلقة حنيذة. وقال ابن مسعود ، وأبو العالية ، والنخعي : هو الدخان الذي رأته قريش. قيل لعبد الله : إن قاصا عند أبواب كندة يقول إنه دخان يأتي يوم القيامة ، فيأخذ أنفاس الناس ، فقال : من علم علما فليقل به ، ومن لم يعلم فليقل : الله أعلم. ألا وسأحدثكم أن قريشا لما استعصت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، دعا عليهم فقال : «اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف» ، فأصابهم الجهد حتى أكلوا الجيف ، والعلهز. والعلهز : الصوف يقع فيه القراد فيشوى الصوف بدم القراد ويؤكل. وفيه أيضا : حتى أكلوا العظام. وكان الرجل يرى بين السماء والأرض الدخان ، وكان يحدث الرجل فيسمع الكلام ولا يرى المحدث من الدخان. فمشى إليه أبو سفيان ونفر معه ، وناشده الله والرحم ، وواعدوه ، إن دعا لهم وكشف عنهم ، أن يؤمنوا. فلما كشف عنهم ، رجعوا إلى شركهم. وفيه : فرحمهم النبي صلىاللهعليهوسلم ، وبعث إليهم بصدقة ومال. وفيه : فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم ، فأنزل الله عزوجل : (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) (١) ، قال : يعني يوم بدر. وقال عبد الرحمن : خمس قد مضين : الدخان ، واللزام ، والبطشة ، والقمر ، والروم. وقال عبد الرحمن الأعرج : (يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ) ، هو يوم فتح مكة ، لما حجبت السماء الغبرة. وفي حديث حذيفة : أول الآيات خروج الدجال ، والدخان ، ونزول عيسى بن مريم ، ونار تخرج من قعر عدن ؛ وفيه قلت : يا نبي الله ، وما الدخان على هذه الآية : (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ)؟ وذكر بقية الحديث ، واختصرناه بدخان مبين ، أي ظاهر. لا شك أنه دخان (يَغْشَى النَّاسَ) : يشملهم. فإن كان هو الذي رأته قريش ، فالناس خاص بالكفار من أهل مكة ، وقد مضى كما قال ابن مسعود ؛ وإن كان من أشراط الساعة ، أو يوم القيامة ، فالناس عام فيمن أدركه وقت الاشراط ، وعام بالناس يوم القيامة. (هذا عَذابٌ)
__________________
(١) سورة الدخان : ٤٤ / ١٦.